للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر سبحانه وتعالى باجتناب كثير من الظن، وأخبر أن بعضه إثم وهو الظن الذي لا دليل عليه ولا أمارة شرعية ترشد إليه، ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي،، أنه قال {إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث} وهذا كله لا يمنع من نصيحة من أخطأ من أهل العلم أو الدعاء إلى الله في شيء من عمله أو دعوته أو سيرته بل يجب أن يوجه إلى الخير ويرشد إلى الحق بأسلوب حسن لا باللمز وسوء الظن والأسلوب العنيف فإن ذلك ينفر من الحق أكثر مما يدعو إليه، ولهذا قال عز وجل لرسوليه موسى وهارون لما بعثهما إلى أكفر الخلق في زمانه {فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى} وأخبر الله عن نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، بما جبله عليه من الرفق والحكمة واللين اللطف في الدعوة فقال سبحانه " فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك " الآية، وأمره سبحانه أن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة فقال - عز وجل - {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} وهذا الأمر ليس خاصاً به، - صلى الله عليه وسلم -، بل هو موجه إليه وإلى جميع علماء الأمة وإلى كل داع يدعو إلى حق، لأن أوامر الله سبحانه وتعالى لنبيه، - صلى الله عليه وسلم -، لا تخصه بل تعم الأمة جميعاً، إلا ما قام الدليل على أنه خاص به، ولقوله الله سبحانه {لقد كانو لكم في رسول الله أسوة حسنة} الآية ولقوله عز وجل {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} وقول سبحانه {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم} وصحح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من يحرم الرفق يحرم الخير كله} وقال عليه السلام {إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شأنه} وقال أيضا عليه الصلاة والسلام {إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف} في أحاديث كثيرة تدل على أن الواجب على الدعاة إلى الله سبحانه والناصحين لعباده أن يتخيروا الأساليب المفيدة والعبارات التي ليس فيها عنف ولا تنفير من الحق والتي يرجى من ورائها انصياع من خالف الحق إلى قبوله والرضى به وإيثاره والرجوع عما هو عليه من الباطل، وأن لا يسلك في دعوته المسالك التي تنفر من

<<  <  ج: ص:  >  >>