للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول صلى الله عليه وسلم، شرع لنا قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الآباط وحلق العانة وأباح للرجال حلق الرأس ولعن النامصة والمتنمصة، وأمرنا بإعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها وسكت عما سوى ذلك، وما سكت الله عنه ورسوله عفوٌ، لا يجوز تحريمه لقول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه أبو ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - " إن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحدّ حدودًا فلا تعتدوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ". رواه الدارقطني وغيره قاله النووي - رحمه الله - وقد نص على ذلك جمع من أهل العلم للحديث المذكور ولما جاء في معناه من الأحاديث والآثار وقد ذكر بعضها الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في جامع العلوم والحكم في شرح حديث أبي ثعلبة، فليراجعه من أحب الوقوف على ذلك. والله أعلم.

الشيخ ابن باز

* * *

[حكم من استهزأ باللحية]

س اللحية سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، الصحيحة ومن الناس من يحلقها ومنهم من يقصر منها ومنهم من يجحدها ومنهم من يقول انها سنة، يؤجر فاعلها ولا يعاقب تاركها، ومن السفهاء من يقول لو أن اللحية فيها خير ما طلعت مكان العانة، قبحهم الله، فما حكم كل واحد من هؤلاء المختلفين وما حكم من أنكر سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟

ج دلّت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصحيحة على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها وعلى تحريم حلقها وقصها كما في الصحيحن عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس " وهذان الحديثان وما جاء في معناهما من الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وتحريم حلقها وقصها كما ذكرنا ومن زعم أن إعفائها سنة يثاب عليها فاعلها ولا يستحق العقاب تاركها، فقد غلط وخالف الأحاديث الصحيحة. لأن الأصل في الأوامر الوجوب وفي النهي التحريم، ولا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الأحاديث الصحيحة إلا بحجة تدل على صرفها؛ وليس هناك حجة تصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها.

وأما ما رواه الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>