للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} . (سورة البقرة، الآية ١٨٣) . لكنها اختلفت في كيفياتها وتفاصيل فروعها كما قال تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} . (سورة المائدة، الآية ٤٨) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم (الأنبياء أولاد علات دينهم واحد وأمهاتهم شتى) . رواه البخاري. وعلى هذا فمن آمن بأصول الشرائع على ماجاء به الأنبياء والمرسلون فقد رضي الله عنهم، وكتب لهم السعادة والفلاح، وهم الذين امتدحهم الله في كتابه وأثنى عليهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في سنته، ومن آمن ببعض الأصول التي جاؤوا بها من عند الله وكفر ببعض، فأؤلئك هم الكافرون حقًّا بالجميع، لضرورة وحدتها وتصديق بعضها بعضًا، وأعد الله لهم جنات وساءت مصيرًا، وهؤلاء هم الذين ذمهم الله في كتابه، وذمهم رسوله صلى الله عليه وسلم، في سنته، قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا. أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا. وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} . (سورة النساء، الآيات ١٥٠ - ١٥٢) .

ومن أجل هذا أخبر الله سبحانه بأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ليسوا سواء في حكمه، بل أثنى على طائفة من هؤلاء ومن هؤلاء، وذم طائفة أخرى من الفريقين، أثنى على الذين امتثلوا أمره من اليهود والنصارى بقوله تعالى {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . (سورة البقرة، الآية ١٢٦) ومن هؤلاء الذين قال الله فيهم {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} . (سورة آل عمران، الآية ١٩٩) . ومنهم بعض النصارى وهم الذين قال الله فيهم {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ. فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} (سورة المائدة، الآيات ٨٢ - ٨٥) . ومنهم جماعة من أهل الكتاب من اليهود والنصارى أثنى الله عليهم بقوله {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>