للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) .

ومن المعلوم أن التحيل على هذه المعاملة تحيل على محارم الله ومكر وخداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.

ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يقلبها حلالاً بمجرد صورة ظاهرها الحلال ومقصودها الحرام. ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يزيدها إلا قبحاً لأن المتحيل عليها يقع في محذورين المحذور الأول الخداع والمكر والتلاعب بأحكام الله عز وجل. المحذور الثاني مفسدة ذلك المحرم الذي تحيل إلى الوصول إليه لأنها قد تحققت بتلك الحيلة.

ومن المعلوم أن تحيل على محارم الله تعالى وقوع فيما ارتكبه اليهود فيكون المتحيل مشابهاً لهم في ذلك وهذا جاء في الحديث ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)) .

ومن المعلوم للمتأمل المتجرد عن الهوى أن من قال لشخص يريد سيارة. اذهب إلى المعرض وتختر السيارة التي تريد وأنا أشتريه من المعرض ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.

أو قال لشخص يريد أرضاً اذهب إلى المخطط وتخير الأرض التي تريد وأنا أشتريه من المخطط ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.

أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى حديد اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الحديد يعجبك وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.

أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى أسمنت اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الأسمنت الذي تريد وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.

أقول من المعلوم للمتأمل المنصف المتجرد عن هوى النفس أن التعامل على هذا الوجه من التحيل على الربا وذلك لأن التاجر الذي اشترى السلعة لم يقصد شراءها ولم يكن ذلك يدور في فكره ولم يكن اشتراها لطالبها من أجل الإحسان المحض إليه وإنما اشتراها من أجل الزيادة التي يحصل عليها منه في مقابلة التأجيل ولهذا كلما امتد الأجل كثرت الزيادة فهو في الحقيقة كقول القائل أقرضك ثمن هذه الأشياء بزيادة ربوية مقابل التأجيل ولكنه أدخل بينهما سلعة كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمئة ثم اشتراها بخمسين فقال دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة. قال ابن القيم رحمه الله ٥ ١٠٣ من تهذيب السنن وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع اهـ.

وأنت لو قارنت مسألة العينة بهذه المسألة لوجدت هذه المسألة أقرب إلى التحيل على الربا من مسألة العينة في بعض صورها فإن العينة كما قال الفقهاء أن يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل

<<  <  ج: ص:  >  >>