للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره أضواء البيان (١) ما نصه (المسألة الثالثة اعلم أنه لا شك في أن آية " قد أفلح المؤمنون " هذه التي هي " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " تدل بعمومها على منع الاستمناء باليد المعروف، بجلده عميرة ويقال له الخضخضة، لأن من تلذذ بيده حتى أنزل منيه بذلك قد ابتغى وراء ما أحله الله فهو من العادين بنص هذه الآية الكريمة المذكورة هنا وفي سورة سأل سائل، وقد ذكر ابن كثير أن الشافعي ومن تبعه استدلوا بهذه الآية على منع الاستمناء باليد.

وقال القرطبي قال محمد بن عبد الحكم سمعت حرملة بن عبد العزيز قال سألت مالكاً عن الرجل يجلد عميرة فتلا هذه الآية " والذين هم لفروجهم حافظون " إلى قوله " العادون " قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - الذي يظهر لي أن استدلال مالك والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد استدلال صحيح بكتاب الله يدل عليه ظاهر القرآن. ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة وما روي عن الإمام أحمد مع علمه وجلالته وورعه من إباحة جلد عميرة مستدلاً على ذلك بالقياس قائلاً هو إخراج فضلة من البدن تدعو الضرورة إلى إخراجها فجاز قياساً على القصد والحجامة كما قال في ذلك بعض الشعراء.

إذا حللت يواد لا أنيس به ......فاجلد عميرة لا عار ولا حرج

فهو خلاف الصواب وإن كان قائلة في المنزلة المعروفة التي هو بها لأنه قياس يخالف ظاهر عموم القرآن، والقياس إن كان كذلك رد بالقادح المسمى فساد الاعتبار كما أوضحناه في هذا الكتاب المبارك مراراً، وذكرنا فيه قول صاحب مراقي السعود.

والخلف للنص أو إجماع دعا ......فساد الاعتبار كل من وعى

فالله - جل وعلا - قال " والذين هم لفروجهم حافظون " ولم يستثن من ذلك البتة إلا النوعين المذكورين في قوله - تعالى " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " وصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج عن الزوجة والمملوكة فقط، ثم جاء بصيغة عامة شاملة


(١) أضواء البيان ج ٥ ص ٧٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>