للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ ... إِذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ ...

(قَالُوا فَخَرَجَ الْحَدِيثُ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا لَهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِمَا فَمَنْ أَوْصَى بِهِمَا أَوْ أهْمَلَ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِمَا يُعَذَّبُ بِهِمَا لِتَفْرِيطِهِ بِإِهْمَالِ الْوَصِيَّةِ بِتَرْكِهِمَا فَأَمَّا مَنْ وَصَّى بِتَرْكِهِمَا فَلَا يُعَذَّبُ بِهِمَا إِذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِمَا وَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ إِيجَابُ الْوَصِيَّةِ بِتَرْكِهِمَا وَمَنْ أَهْمَلَهُمَا عُذِّبَ بِهِمَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَى الْأَحَادِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنُوحُونَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَنْدُبُونَهُ بِتَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ وَمَحَاسِنِهِ فِي زَعْمِهِمْ وَتِلْكَ الشَّمَائِلُ قَبَائِحُ فِي الشَّرْعِ يعذب بها كما كانوا يقولون يا مؤيد النِّسْوَانِ وَمُؤَتِّمَ الْوِلْدَانِ وَمُخَرِّبَ الْعُمْرَانِ وَمُفَرِّقَ الْأَخْدَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَرَوْنَهُ شَجَاعَةً وَفَخْرًا وَهُوَ حَرَامٌ شَرْعًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعَذَّبُ بِسَمَاعِهِ بُكَاءَ أَهْلِهِ وَيَرِقُّ لَهُمْ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَهُوَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ امْرَأَةً عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى أَبِيهَا وَقَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا بَكَى اسْتَعْبَرَ لَهُ صُوَيْحِبُهُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لَا تُعَذِّبُوا إِخْوَانَكُمْ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَافِرَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ يُعَذَّبُ فِي حَالِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ لَا بِبُكَائِهِمْ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَأَجْمَعُوا كُلُّهمْ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُكَاءِ هُنَا الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ ونياحة لا مجرد دمع العين قوله ص فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ يُعَذَّبُ فِي قبره بما نيح عليه وما نيح عليه)

<<  <  ج: ص:  >  >>