للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْغَرِيبِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَقَالَ الْقَاضِي الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ قَالَ وَكَثِيرٌ مِنَ الشُّيُوخِ يَرْوِيهِ بِفَتْحِهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ قَالَ الْقَاضِي وَحُكِيَ عَنِ الْفَارِسِيِّ فِيهِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ وَقَالَ أَهْلُ الْمَشْرِقِ يَقُولُونَهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَالصَّوَابُ الضَّمُّ وَيُقَالُ خَلَفَ فُوهُ بِفَتْحِ الخاء واللام يخلف بضم اللام وأخلف يَخْلُفُ إِذَا تَغَيَّرَ وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَقَالَ الْقَاضِي قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مَجَازٌ وَاسْتِعَارَةٌ لِأَنَّ اسْتِطَابَةَ بَعْضِ الرَّوَائِحِ مِنْ صِفَاتِ الْحَيَوَانِ الَّذِي له طبائع تميل إلى شئ فَتَسْتَطِيبُهُ وَتَنْفِرُ مِنْ شَيْءٍ فَتَسْتَقْذِرُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى مُتَقَدِّسٌ عَنْ ذَلِكَ لَكِنْ جَرَتْ عَادَتُنَا بِتَقْرِيبِ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ مِنَّا فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ لِتَقْرِيبِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ يُجَازِيهِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَتَكُونُ نَكْهَتُهُ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ كَمَا أَنَّ دَمَ الشَّهِيدِ يَكُونُ رِيحُهُ رِيحَ الْمِسْكِ وَقِيلَ يحصل لصاحبه من الثواب أكثر ممن يَحْصُلُ لِصَاحِبِ الْمِسْكِ وَقِيلَ رَائِحَتُهُ عِنْدَ مَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَطْيَبُ مِنْ رَائِحَةِ الْمِسْكِ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَتْ رَائِحَةُ الْخُلُوفِ عِنْدَنَا خِلَافَهُ وَالْأَصَحُّ ما قاله الداورى مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَقَالَهُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ الْخُلُوفَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنَ الْمِسْكِ حَيْثُ نُدِبَ إِلَيْهِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَمَجَالِسِ الْحَدِيثِ وَالذِّكْرِ وَسَائِرِ مَجَامِعِ الْخَيْرِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْخُلُوفَ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ وَفَضِيلَتُهُ وَإِنْ كَانَ السِّوَاكُ فِيهِ فَضْلٌ أَيْضًا لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْخُلُوفِ أَعْظَمُ وَقَالُوا كَمَا أَنَّ دَمَ الشُّهَدَاءِ مَشْهُودٌ لَهُ بِالطِّيبِ وَيُتْرَكُ لَهُ غُسْلُ الشَّهِيدِ مَعَ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ فَإِذَا تُرِكَ الْوَاجِبُ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَاءِ الدَّمِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالطِّيبِ فَتَرْكُ السِّوَاكِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ وَاجِبًا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَاءِ الْخُلُوفِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصِّيَامُ جُنَّةٌ) هُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَمَعْنَاهُ سُتْرَةٌ وَمَانِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>