للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَمَاعَةِ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ وَقَوْلُهَا جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَّأْتُ لَكَ مَعْنَاهُ جَاءَنَا زَائِرُونَ وَمَعَهُمْ هَدِيَّةٌ خَبَّأْتُ لَكَ مِنْهَا أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ جَاءَنَا زَوْرٌ فَأُهْدِيَ لَنَا بِسَبَبِهِمْ هَدِيَّةٌ فَخَبَّأْتُ لَكَ مِنْهَا وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ هُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَالثَّانِيَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلْأُولَى وَمُبَيِّنَةٌ أَنَّ الْقِصَّةَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى كَانَتْ فِي يَوْمَيْنِ لَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ صَوْمَ النَّافِلَةِ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ فِي النَّهَارِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَيَتَأَوَّلُهُ الْآخَرُونَ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لِكَوْنِهِ ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ وَكَانَ نَوَاهُ مِنَ اللَّيْلِ فَأَرَادَ الْفِطْرَ لِلضَّعْفِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ وَتَكَلُّفٌ بَعِيدٌ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ التَّصْرِيحُ بِالدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ صَوْمَ النَّافِلَةِ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَالْأَكْلُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَيَبْطُلُ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ نَفْلٌ فَهُوَ إِلَى خِيَرَةِ الْإِنْسَانِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَذَا فِي الدَّوَامِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَآخَرُونَ وَلَكِنَّهُمْ كُلَّهُمْ وَالشَّافِعِيَّ مَعَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ إِتْمَامِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَيَأْثَمُ بِذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَوْجَبُوا قَضَاءَهُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا قَضَاءَ على من أفطره بعذر والله أعلم

[باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر]

[١١٥٥] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَا يُفْطِرُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدُ وَآخَرُونَ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الْجِمَاعِ دُونَ الْأَكْلِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَجِبُ فِي الْجِمَاعِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا شَيْءَ فِي الأكل

<<  <  ج: ص:  >  >>