للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلِيلَانِ لِذَلِكَ فَإِذَا وَهَبَتِ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ حَلَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَهْرُهَا بِالدُّخُولِ وَلَا بِالْوَفَاةِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو نِكَاحُهُ وُجُوبُ مَهْرٍ إِمَّا مُسَمًّى وَإِمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي انْعِقَادِ نِكَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا يَنْعَقِدُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَهَذَا الْحَدِيثِ وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بَلْ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوِ الْإِنْكَاحِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ وَيَحْمِلُ هَذَا الْقَائِلُ الْآيَةَ وَالْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْهِبَةِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِأَجْلِ الْعَقْدِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَنْعَقِدُ نِكَاحُ كُلِّ أَحَدٍ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَبِمِثْلِ مَذْهَبِنَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَكَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ إِذَا قُصِدَ بِهِ النِّكَاحُ سَوَاءٌ ذَكَرَ الصَّدَاقَ أَمْ لَا وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَمِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْ صَحَّحَهُ بِلَفْظِ الْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَوْلُهُ (فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ) أَمَّا صَعَّدَ فَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ رَفَعَ وَأَمَّا صَوَّبَ فَبِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ خَفَضَ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ النَّظَرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَأَمُّلِهِ إِيَّاهَا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ لِيَتَزَوَّجَهَا وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ حَاجَةٌ لَا يُمْكِنُهُ قَضَاؤُهَا أَنْ يَسْكُتَ سُكُوتًا يَفْهَمُ السَّائِلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَا يُخْجِلُهُ بِالْمَنْعِ إِلَّا إِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْفَهْمُ إِلَّا بِصَرِيحِ الْمَنْعِ فَيُصَرِّحُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ جَوَازُ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ هَلْ هِيَ فِي عِدَّةٍ أَمْ لَا حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ قَالَ وَعَادَةُ الْحُكَّامِ يَبْحَثُونَ عَنْ ذَلِكَ احْتِيَاطًا قُلْتُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي مَنْ جَاءَتْهُ لِطَلَبِ الزَّوَاجِ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>