للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ صاحب دم لدمه موقع يشتفى بقتله قَاتِلَهُ وَيُدْرِكُ قَاتِلُهُ بِهِ ثَأْرَهُ أَيْ لِرِيَاسَتِهِ وَفَضِيلَتِهِ وَحُذِفَ هَذَا لِأَنَّهُمْ يَفْهَمُونَهُ فِي عُرْفِهِمْ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ تَقْتُلُ مَنْ عَلَيْهِ دَمٌ وَمَطْلُوبٌ بِهِ وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فَلَا عَتَبَ عَلَيْكَ فِي قَتْلِهِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ ذَا ذَمٍّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ ذَا ذِمَامٍ وَحُرْمَةٍ فِي قَوْمِهِ وَمَنْ إِذَا عَقَدَ ذِمَّةً وَفَّى بِهَا قَالَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّهَا تَقْلِبُ الْمَعْنَى فَإِنَّ مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ لَا يَسْتَوْجِبُ الْقَتْلَ قُلْتُ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا عَلَى مَعْنَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ أَيْ تَقْتُلُ رَجُلًا جَلِيلًا يَحْتَفِلُ قَاتِلُهُ بِقَتْلِهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَتَلَ ضَعِيفًا مَهِينًا فَإِنَّهُ لَا فَضِيلَةَ فِي قَتْلِهِ وَلَا يُدْرِكُ بِهِ قَاتِلُهُ ثَأْرَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ) فِيهِ جَوَازُ الْمَنِّ عَلَى الْأَسِيرِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ (فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ) قَالَ أَصْحَابُنَا إِذَا أَرَادَ الْكَافِرُ الْإِسْلَامَ بَادَرَ بِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِلِاغْتِسَالِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي تَأْخِيرِهِ بَلْ يُبَادِرُ بِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ اغْتِسَالَهُ وَاجِبٌ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ فِي الشِّرْكِ سَوَاءٌ كَانَ اغْتَسَلَ مِنْهَا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنْ كَانَ اغْتَسَلَ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا وَجَبَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ ويَسْقُطُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ بِالْإِسْلَامِ كَمَا تَسْقُطُ الذُّنُوبُ وَضَعَّفُوا هَذَا بِالْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يُقَالُ يَسْقُطُ أَثَرُ الْحَدَثِ بِالْإِسْلَامِ هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ أَجْنَبَ فِي الْكُفْرِ أَمَّا إِذَا لَمْ يُجْنِبْ أَصْلًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ لَهُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَآخَرِينَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَآخَرُونَ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ قَوْلُهُ (فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ) هَكَذَا هُوَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا نَخْلٌ بِالْخَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>