للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَقَارِ فَقَاسَمَهُمُ الْأَنْصَارُ عَلَى أَنْ أَعْطَوْهُمْ أَنْصَافَ ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤنة ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ آثَرَهُمُ الْأَنْصَارُ بِمَنَائِحَ مِنْ أَشْجَارِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهَا مَنِيحَةً مَحْضَةً وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ نِصْفُ الثِّمَارِ وَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ أَنْ يَقْبَلَهَا مَنِيحَةً مَحْضَةً هَذَا لِشَرَفِ نُفُوسِهِمْ وَكَرَاهَتِهِمْ أَنْ يَكُونُوا كَلًّا وَكَانَ هَذَا مُسَاقَاةً وَفِي مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ فَلَمَّا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ خَيْبَرُ اسْتَغْنَى الْمُهَاجِرُونَ بِأَنْصِبَائِهِمْ فِيهَا عَنْ تِلْكَ الْمَنَائِحِ فَرَدُّوهَا إِلَى الْأَنْصَارِ فَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْأَنْصَارِ فِي مُوَاسَاتِهِمْ وَإِيثَارِهِمْ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ الْإِسْلَامِ وَإِكْرَامِ أَهْلِهِ وَأَخْلَاقِهِمُ الْجَمِيلَةِ وَنُفُوسِهِمُ الطَّاهِرَةِ وَقَدْ شَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ من قبلهم يحبون من هاجر إليهم الْآيَةَ قَوْلُهُ (وَكَانَ الْأَنْصَارُ أَهْلَ الْأَرْضِ وَالْعَقَارِ) أَرَادَ بِالْعَقَارِ هُنَا النَّخْلَ قَالَ الزَّجَّاجُ الْعَقَارُ كل ماله أَصْلٌ قَالَ وَقِيلَ إِنَّ النَّخْلَ خَاصَّةً يُقَالُ لَهُ الْعَقَارُ قَوْلُهُ (وَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاقا لها) هو بكسر العين جمع عذق بفتحها وهي النخلة ككلب وكلاب وبئر وبئار قوله (فأعطاها رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ أَيْمَنَ) هَذَا دَلِيلٌ لِمَا قَدَّمْنَا عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كُلُّ مَا أَعْطَتِ الْأَنْصَارُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بَلْ كَانَ فِيهِ مَا هُوَ منيحة ومواساة

<<  <  ج: ص:  >  >>