للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(وَهَجَاهُ وَسَبَّهُ وَكَانَ عاهده أن لا يُعِينَ عَلَيْهِ أَحَدًا ثُمَّ جَاءَ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ مُعِينًا عَلَيْهِ قَالَ وَقَدْ أَشْكَلَ قَتْلُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يَعْرِفِ الْجَوَابَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَالَ الْقَاضِي قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ وَقِيلَ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِأَمَانٍ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِ وَإِنَّمَا كَلَّمَهُ فِي أَمْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَاشْتَكَى إِلَيْهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ عَهْدٌ وَلَا أَمَانٌ قَالَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ قَتْلَهُ كَانَ غَدْرًا وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ إِنْسَانٌ فِي مَجْلِسِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ فَضُرِبَ عُنُقُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْغَدْرُ بَعْدَ أَمَانٍ مَوْجُودٍ وَكَانَ كَعْبٌ قَدْ نَقَضَ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُؤَمِّنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرُفْقَتُهُ وَلَكِنَّهُ اسْتَأْنَسَ بِهِمْ فَتَمَكَّنُوا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا أَمَانٍ وَأَمَّا تَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِبَابِ الْفَتْكِ فِي الْحَرْبِ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْحَرْبُ بَلِ الْفَتْكُ هُوَ الْقَتْلُ عَلَى غِرَّةٍ وَغَفْلَةٍ وَالْغِيلَةُ نَحْوُهُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُهُمْ عَلَى جَوَازِ اغْتِيَالِ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مِنَ الْكُفَّارِ وَتَبْيِيتِهِ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ إِلَى الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ (ائْذَنْ لِي فَلْأَقُلْ) مَعْنَاهُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ عَنِّي وَعَنْكَ ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّعْرِيضِ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِكَلَامٍ بَاطِنُهُ صَحِيحٌ وَيَفْهَمُ مِنْهُ الْمُخَاطَبُ غَيْرَ ذَلِكَ فَهَذَا جَائِزٌ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا مالم يَمْنَعْ بِهِ حَقًّا شَرْعِيًّا قَوْلُهُ (وَقَدْ عَنَّانَا) هَذَا مِنَ التَّعْرِيضِ الْجَائِزِ بَلِ الْمُسْتَحَبِّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْبَاطِنِ أَنَّهُ أَدَّبَنَا بِآدَابِ الشَّرْعِ التي فيها تعب لكنه تعب في مرضات اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَحْبُوبٌ لَنَا وَالَّذِي فَهِمَ الْمُخَاطَبُ مِنْهُ الْعَنَاءَ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْبُوبٍ قَوْلُهُ (وَأَيْضًا وَاللَّهِ لِتَمَلُّنَّهُ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ أي يتضجرن مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>