للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدعون أصم ولاغائبا إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ ارْبَعُوا بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَعْنَاهُ ارْفُقُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَاخْفِضُوا أَصْوَاتَكُمْ فَإِنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ إِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ لِبُعْدِ مَنْ يُخَاطِبُهُ لِيُسْمِعَهُ وَأَنْتُمْ تدعون الله تعالى وليس هو بأصم ولاغائب بَلْ هُوَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَهُوَ مَعَكُمْ بِالْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ فَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى خَفْضِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إِذَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إِلَى رَفْعِهِ فَإِنَّهُ إِذَا خَفَضَهُ كَانَ أَبْلَغَ فِي تَوْقِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ فان دعت حاجةالى الرَّفْعِ رَفَعَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ أَحَادِيثُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الأخرى الذى تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ هُوَ بِمَعْنَى مَا سَبَقَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مجاز كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد وَالْمُرَادُ تَحْقِيقُ سَمَاعِ الدُّعَاءِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ سبب ذلك أنها كلمةاستسلام وَتَفْوِيضٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاعْتِرَافٍ بِالْإِذْعَانِ لَهُ وأنه لاصانع غيره ولاراد لأمره وأن العبد لايملك شَيْئًا مِنَ الْأَمْرِ وَمَعْنَى الْكَنْزِ هُنَا أَنَّهُ ثَوَابٌ مُدَّخَرٌ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ ثَوَابٌ نَفِيسٌ كَمَا أَنَّ الْكَنْزَ أَنْفَسُ أَمْوَالِكُمْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْحَوْلُ الْحَرَكَةُ وَالْحِيلَةُ أَيْ لَا حَرَكَةَ وَلَا اسْتِطَاعَةَ وَلَا حِيلَةَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا حَوْلَ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةَ فِي تَحْصِيلِ خَيْرٍ إِلَّا بِاللَّهِ وَقِيلَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلا بعصمته ولاقوة على طاعته

<<  <  ج: ص:  >  >>