للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تَبْقَى لِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ فَهِيَ تَنْعَدِمُ بِنَفْسِهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّلَفُ لَا الْإِتْلَافُ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ قَطْعُ الْبَقَاءِ وَلَا بَقَاءَ فَلَا إِتْلَافَ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ الضَّمَان فِي الْإِجَارَة لِأَنَّهُ ضَمَان بِشَرْط ضَمَانُ إِتْلَافٍ وَبِخِلَافِ بَطْشِ الْيَدِ وَمَشْيِ الرِّجْلِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ لَا الْأَعْرَاض الفانية وَمَنَافع الْبضْع لأَنا عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَلَا يَلْزَمُنَا غَاصِبُ السُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَغَلَّةٌ وَكَلَامُنَا فِي الْبَائِعِ لِأَصْلٍ مَضْمُونٍ وَلَا مَا إِذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَفَتَقَهُ وَأَخْرَجَ خُيُوطَهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْعَيْنِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنَافِعِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ لِلسَّوْمِ يَضْمَنُ الْعَيْنَ دُونَ مَنْفَعَتِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ ضَمَانُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَنْدَفِعُ النُّقُوضُ احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ: بِأَنَّهَا تُمَلَّكُ الْإِرْث وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيم فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَال تُمَلَّكُ بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا مَالٌ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ لَا يُصَيِّرُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مَالًا بَلْ صِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ فَلَوْ تَوَقَّفَتِ الْمَالِيَّةُ لَزِمَ الدَّوْرُ وَلِأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَالْقِيمَةُ مِثْلٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَيَجِبُ تَوْفِيَةٌ بِالنَّصِّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْعَقْدِ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَالْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تُضْمَنُ لِتَضَمُّنِهَا الْمَنَافِعَ لِأَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يُضْمَنُ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ تُضْمَنَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ: النَّقْضُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَالِ فِي الضَّمَانِ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الدِّمَاءِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا مَثَّلَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً مَا سُمِعَتْ فِي الْعَرَبِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم} وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نُفُوسِنَا دُونَ أَمْوَالِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا وَعَنِ السَّادِسِ: نَقْضُهُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>