للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ مَالِكٌ يَنْهَى الْإِمَامُ الْأَطِبَّاءَ عَنِ الدَّوَاءِ إِلَّا طَبِيبًا مَعْرُوفًا وَلَا يُشْرَبُ مِنْ دَوَائِهِمْ إِلَّا مَا يعرف وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْزَلَ الدَّوَاءَ أَيْ أَعْلَمَهُمْ إِيَّاهُ وَأَذِنَ لَهُمْ فِيهِ وَعنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُعَالَجَةِ وَمِنَ الْمُعَالَجَةِ الْجَائِزَةِ حِمْيَةُ الْمَرِيضِ وَحَمَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرِيضًا حَتَّى كَانَ يَمُصُّ النَّوَى مِنَ الْجُوعِ وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَكْتَوُونَ مِنَ الذَّبْحَةِ وَاللَّقْوَةِ وَذَاتِ الْجنب وَهُوَ يعلم بهم وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ) وَهُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَأَمَرَ بِالْأَخْذِ بِالْأَفْضَلِ وَهُوَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ قَالَ هُمُ الَّذِينَ لَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يكتؤون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ قَالَ الْبَاجِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ التَّوَكُّلُ مِنَ التَّدَاوِي لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْبُرْءِ قَالَ غيريه لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ التَّوَكُّلُ أَفْضَلُ مِنَ الكي والمداواة والرقا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مازال يَرْقِي نَفْسَهُ إِلَى آخِرِ مَرَضِ مَوْتِهِ وَكَوَى وَأَمَرَ بِالْكَيِّ وَلَا يَتْرُكُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَفْضَلَ طُولَ عُمُرِهِ وَمُتَابَعَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى ذَلِكَ يَأْبَى الْأَفْضَلِيَّةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ اسْتِعْمَالًا لِلطِّبِّ وَقَالَ فِي الرُّطَبِ وَالْقِثَّاءِ يُذْهِبُ حَرَّ هَذِهِ بَرْدُ هَذِهِ وَكَانَ يُكْثِرُ الرِّيَاضَةَ وَاسْتِعْمَالَ الطِّيبِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الطِّبِّ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدَحًا مِنْ مَاءِ الْغسْل وَهُوَ يَجْلُو الْمَعِدَةَ وَالْكَبِدَ وَالْكُلَى وَيُنَقِّي الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ وَيُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَكَانَ يَتَدَاوَى حَتَّى يَتَدَاوَى بِالْخَوَاصِّ الَّتِي يَتَوَهَّمُ نَفْعَهَا فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي سَبْعِ قِرَبٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْإِعْرَاضِ لِمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَيِّدَ الْمُتَوَكِّلِينَ وَكَانَ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ وَيَطْلُبُ فَضْلَهُ فِي أَسْبَابِهِ الْجَارِيَةِ بِهَا عَادَتُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَدَبِ وَالتَّوَكُّلِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>