للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧٨ - بَابُ فِدْيَةِ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ)

٩٠٦ - مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ أي ذلك فعلت أجزأ عَنْكَ

هَكَذَا رَوَى يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ عن عبد الكريم عن بن أبي ليلى وتابعه بن بُكَيْرٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَمُطَرِّفٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصوري

ورواه بن وهب ومكي بن إبراهيم وبن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عن مجاهد عن بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ

والحديث محفوظ لمجاهد عن بن أَبِي لَيْلَى وَلَمْ يَلْقَ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ أَبِي لَيْلَى ٩٠٧ - مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عن مجاهد عن بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوِ انْسُكْ بشاة

وتابعه عليه القعنبي والشافعي وبن بُكَيْرٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَعَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ وَهُوَ الصواب

ورواه بن وهب وبن القاسم وبن عُفَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ سَقَطَ لهم بن أبي ليلى

والحديث محفوظ لمجاهد عن بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْ طُرُقِهِ فِي التَّمْهِيدِ فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ٩٠٨ - مَالِكٌ عَنْ عَطَاءِ بن عبد الله الخرساني أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرْمِ بِالْكُوفَةِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْفُخُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي وَقَدِ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي ثُمَّ قَالَ احْلِقْ هَذَا الشَّعْرَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ

وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ حُمَيْدٍ ذِكْرُ مِقْدَارِ الطَّعَامِ كَمَا هُوَ وَلَا فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ وَالشَّيْخُ الَّذِي رَوَى عنه عطاء الخرساني هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي لَقِيَهُ بِسُوقِ الْبُرْمِ بِالْكُوفَةِ قِيلَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَقِيلَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَكِلَاهُمَا كُوفِيٌّ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ وَيُعْرَفُ بِهِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهُ عَنْهُمَا فِي بَابِ حميد وباب عطاء الخرساني مِنَ التَّمْهِيدِ

وَذَكَرْنَا هُنَا اخْتِلَافَ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ هَذَا مُسْتَوْعَبَةً فِي بَابِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَأَكْثَرُهَا وَرَدَتْ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الْبَقَرَةِ ١٩٦

وَعَلَيْهِ مَضَى عَمَلُ الْعُلَمَاءِ وَقَبُولُهُمْ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَبْلَغِ الْإِطْعَامِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى

فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ الْإِطْعَامُ فِي ذَلِكَ مُدَّانِ مُدَّانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ سِتَّةُ مَسَاكِينَ

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ

وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفِدْيَةِ مِنَ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ وَمِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ صَاعٌ

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا مِثْلَهُ جَعَلَ نِصْفًا مِنْ بُرٍّ يَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَشَعِيرٍ وَهُوَ أَصْلُهُ فِي الْكَفَّارَاتِ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل مرة كما قال مالك والشافعي ومرة قَالَ إِنْ أَطْعَمَ بُرًّا فَمُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَإِنْ أَطْعَمَ تَمْرًا فَنِصْفُ صَاعٍ

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْإِطْعَامَ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ وَأَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَنَّ النُّسُكَ شَاةٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَنَافِعٍ أَنَّهُمْ قَالُوا الْإِطْعَامُ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَالصِّيَامُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يُتَابِعْهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي السُّنَّةِ فِي حَدِيثِ كعب بن عجرة من خلافة

قال الله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) الْبَقَرَةِ ١٩٦

قال بن عَبَّاسٍ الْمَرَضُ أَنْ تَكُونَ بِرَأْسِهِ قُرُوحٌ وَالْأَذَى الْقَمْلُ

وَقَالَ عَطَاءٌ الْمَرَضُ الصُّدَاعُ وَالْقَمْلُ وَغَيْرُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْفِدْيَةِ سُنَّةٌ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَرْوِهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُ كَعْبٍ وَلَا رَوَاهَا عَنْ كَعْبٍ إِلَّا رَجُلَانِ ثِقَتَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ وَهِيَ سُنَّةٌ أَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أهل الكوفة

قال بن شِهَابٍ سَأَلْتُ عَنْهَا عُلَمَاءَنَا كُلَّهُمْ حَتَّى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَلَمْ يُثْبِتُوا كَمْ عِدَّةُ الْمَسَاكِينِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّ الْفِدْيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ حَلْقُهُ لِرَأْسِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي مَا نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالنُّسُكِ

وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ عَامِدًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ تَطَيَّبَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

فَقَالَ مَالِكٌ بِئْسَ مَا فَعَلَ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وهو مُخَيَّرٌ فِيهَا إِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ مِنْ قُوتِهِ أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ

وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَتْ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي حَلْقَةِ رَأْسِهِ وَقَدْ أَذَاهُ هَوَامُّهُ

وَلَوْ كَانَ حكم الضرورة مخالفا لبينه عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمَّا لَمْ تَسْقُطِ الْفِدْيَةُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عُلِمَ أَنَّ الضَّرُورَةَ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ لَيْسَ بِمُخَيَّرٍ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ لِشَرْطِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ الْبَقَرَةِ)

فَأَمَّا إِذَا حَلَقَ أَوْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ عَامِدًا مِنْ غَيْرِ ضرورة فعليه دم لا غير

واختلفوا في من حَلَقَ أَوْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ عَامِدًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ

فَقَالَ مَالِكٌ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ

وَقَالَ إِسْحَاقُ وَدَاودُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِنْ صَنَعَهُ نَاسِيًا

وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُوجِبُونَ الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا حَلَقَ شَعْرَ جَسَدِهِ أَوْ أَطْلَى أَوْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ

وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ دَمًا وَلَا يُجِيزُ إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ

وَقَالَ دَاوُدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حَلْقِ شَعْرِ جَسَدِهِ

وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ الْفِدْيَةِ

فَقَالَ مَالِكٌ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ أَيْنَ شَاءَ بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ شَاءَ بِبَلَدِهِ سَوَاءً عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ ذَبْحُ النُّسُكِ وَالْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ

وَهُوَ قَوْلُ مجاهد

والذبح عند مالك ها هنا سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِهَدْيٍ

قَالَ الْهَدْيُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ وَالنُّسُكُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ

وَحُجَّتُهُ فِي أَنَّ النُّسُكَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ مَكَّةَ حَدِيثٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>