للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

وَقَالَ أَشْهَبُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَسَوَاءٌ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ

وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ

وَحُجَّةُ مَالِكٍ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي بَلَائِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ وَيَذْكُرَانِ اللَّهَ تَعَالَى فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا فِي حق

وقد روي هذا الحديث عن بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْأَسَانِيدِ فِي (التَّمْهِيدِ)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ عِتْقِ الْمَرْءِ عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ قَدْ تَكُونُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ شَرِيعَةَ أَيُّوبَ كَانَتْ بِخِلَافِ شَرِيعَتِنَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) الْأَنْعَامِ ٩٠

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ عَنْ رَجُلٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بغير امره فولاءه لَكَ وَإِنْ أَعْتَقْتَهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَيُجْزِئُهُ بِمَالٍ وَبِغَيْرِ مَالٍ وَسَوَاءٌ قَبِلَهُ الْمُعْتِقُ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ

وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَدَاوُدَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ إِنْ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدَكَ عَلَى مَالٍ ذَكَرَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ وَإِذَا قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي بِغَيْرِ مَالٍ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْآمِرَ لم يملك منه شيئا وهي هبة باطل لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ فِيهَا الْقَبْضُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) يَدْخُلُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْوَاحِدَةُ وَالْجَمَاعَةُ لِأَنَّهُ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ كُلُّهُ إِلَّا أَنَّ السَّفِيهَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَهُنَّ وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقْنَ دُونَ مِيرَاثِ الْوَلَاءِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا

(١١ - بَابُ جَرِّ الْعَبْدِ الْوَلَاءَ إِذَا أُعْتِقَ)

١٤٩٢ - مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ اشْتَرَى عَبْدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>