للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِالزَّجْرِ عَنِ الْفِعْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ

٣٥٣٥ - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ

عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" (١) .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله تعالى عَنْهُ: هَذَانِ خَبَرَانِ قَدْ أَوْهَمَا عَالَمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّهُمَا مُتَضَادَّانِ، وَلَيْسَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَرْوَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ دُونَ الْإِحْرَامِ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، وَالْمُسَافِرُ قَدْ أُبِيحَ لَهُ الْإِفْطَارُ: إِنْ شَاءَ بِالْحِجَامَةِ، وَإِنْ شَاءَ بِالشَّرْبَةِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِنْ شَاءَ بِالشَّرْبَةِ مِنَ اللَّبَنِ، أَوْ بِمَا شَاءَ مِنَ الأشياء (٢) .


(١) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير العباس بن عبد العظيم، وإبراهيم بن عبد الله بن قارظ، وهو في "مصنف عبد الرزاق" "٧٥٢٣".
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد ٣/٤٦٥، والترمذي "٧٧٤" في الصوم: باب كراهية الحجامة للصائم، والطبراني "٤٢٥٧"، وابن خزيمة "١٩٦٤"، والحاكم ١/٤٢٨، والبيهقي ٤/٢٦٥. وقال ابن خزيمة: سمعت العباس بن عبد العظيم العنبري يقول: سمعت علي بن عبد الله "وهو المديني" يقول: لا أعلم في "أفطر الحاجم والمحجوم" حديثا أصح من ذا.
(٢) وقد سبقه إلى هذا شيخه ابن خزيمة "صحيحه" ٣/٢٢٨، نقله عنه الحافظ في "الفتح" ٤/١٧٨ بتصرف، وتعقبه بأن الحديث ما ورد هكذا إلا لفائدة، فالظاهر أنه وجدت منه الحجامة وهو صائم لم يتحلل من صومه واستمر.
وقال في "التلخيص" ٢/١٩١ بعد أن خرج حديث ابن عباس "احتجم وهو صائم محرم": واستشكل كونه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصيام ولإحرام، لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر، ولم يكن محرماً إلا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهه الإحرام إلا في غزاة الفتح، ولم يكن حينئذ محرماً.
قلت "القائل ابن حجر": وفي الجملة الأولى نظر، فما المانع من ذلك، فلعله فعل مرة لبيان الجواز، وبمثل هذا لا ترد الأخبار الصحيحة، ثم ظهر لي أن بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأوهم أنهما وقعاً، معاً، والأصوب رواية البخاري: احتجم وهو صائم، وهو محرم، فيحمل على أن كل واحد منهما رقع في حالة مستقلة، وهذا لا مانع منه، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم صام في رمضان وهو مسافر، وهو في "الصحيحين" بلفظ "وما فينا صائم إلا رسول الله صلى عليه وسلم وعبد الله بن رواحة"، ويقوي ذلك أن غالب الأحاديث ورد مفصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>