للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ولا يؤجرها إِيَّاهُ" لَفْظَةُ زَجْرٍ عَنْ فِعْلٍ قُصِدَ بِهَا النَّدْبُ وَالْإِرْشَادُ، لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانَ بِهِمُ الضِّيقُ فِي الْعَيْشِ، وَالْمِنْحَةُ كَانَتْ أَوْقَعَ عِنْدَهُمْ لِلْأَرْضِ مِنْ إِكْرَائِهَا، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى جَوَازِ كَرْيِ الْأَرْضِ إِلَّا الْجِنْسَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ١.


١ وَقَالَ شيخ الإسلام في "القواعد النورانية" ص١٧٥ - ١٧٧: الأمر بهذا أمر ندب واستحبابن لا أمر إيجاب، أم كان أمر إيجاب في الابتداء لينزجروا عما الأهلية، قال في الآنية التي كانوا يطبخونها فيها: "أهريقوا ما فيها واكسروها" وقال صلى الله عليه وسلم في آبية أهل الكتاب حين سأله عنها أبو ثعلبة الخشني: "إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غيرها فارخصوها بالماء" وذلك لأن النفوس إذا اعتادت المعصية، فقد لاتنفطم عنها انفطاماً جيداً إلا بترك ما يقاربها من المباح كما قيل: لايبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلالن كما أنها أحياناً لاتترك المعصية إلا بتدريج، بتركها جملة.
فهذا يقع تارة وهذا يقع تارة، يوجد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لمن خشى منه النفرة عن الطاعة: الرخصة له في أشياء يستغني بها عن محرم، ولمن وثق بإيمانه وصبره: النهي عن بعض ما يستحب له تركه مبالغة في فعل الأفضل. ولهذا يستحب لمن وثق بإيمانه وصبره - من فعل المستحبات البدنية والمالية، كالخروج عن جميع ماله، مثل أبي بكر والصديق - ما لايستحب =

<<  <  ج: ص:  >  >>