للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِطَابِهِ هَذَا بَيْضَةَ الْحَدِيدِ، أَوْ بَيْضَةَ النَّعَامَةِ الَّتِي قِيمَتُهَا تَبْلُغُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وَكَذَلِكَ الْحَبْلُ، أَرَادَ بِهِ الْحِبَالَ الْكِبَارَ الَّتِي تَكُونُ لِلْآبَارِ الْعَمِيقَةِ الْقَعْرِ أَوْ لِلْمَرَاكِبِ العمَّالة فِي الْبَحْرِ١، وَذَلِكَ ان أهل الحجاز


=وأخرجه أحمد ٢/٢٥٣، والبخاري "٦٧٨٣" في الحدود: باب لعن السارق إذا لم يسم، ومسلم "١٦٨٧" في الحدود باب حد السرقة ونصابها، والنسائي ٨/٦٥ في السارق: باب تعظيم السرقة، وابن ماجة "٢٥٨٣" في الحدود: باب حد السارق، والبيهقي ٨/٢٥٨، والبغوي "٢٥٩٧"و"٢٥٩٨" من طرق عن الأعمش، به.
١ زاد بعضهم كا لبخاري، والبغوي في حديث أبي هريرة: قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أنه منهما ما يساوي دراهم.
قال ابن قتيبة بعد أن ذكر قول ألأعمش: وهذا تأويل بعيد لا يجوز عند من صحيح كلام العرب، لأن كل واحد من هذين يبلغ دنانير كثيرة، وهذا ليس موضع تكثير المال لما سرقه السارق.
وقال الخطابي: تأويل الأعمش هذا غير مطابق لمذهب الحديث، ومخرج الكلام فيه، وذلك أنه ليس بالشائع في الكلام أن يقال في مثل ما ورد فيه الحديث من اللوم والتثريب: أخزى الله فلاناً عرض نفسه للتلف في مال له قدر ومزية، وفي عرض له قيمة، إنما يضرب المثل في مثله بالشئ الذي لا وزن له ولا قيمة، هذا حكم العرف الجاري في مثله، وإنما وجه الحديث وتأويله وذمُّ السرقة، وتهجين أمرها، وتحذير سوء مغبتها فيما قل وكثر من المال، كأنه يقول: إن سرقة الشيء اليسير الذي لا قيمة له كالبيضة المذرة، والحبل الخلق الذي لا قيمة له، إذا تعاطاه، فاستمرت به العادة، ولم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد، فتقطع يده، كأنه يقول: فليحذر هذا الفعل وليتوقه قبل أن تملكه العادة، ويمرن عليها ليسلم من سوء مغبته، ووخيم عاقبته. وانظر "الفتح" ١٢/٨٣ – ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>