للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:

وَأخيراً.. هكذا فَلنَدعُ إلى الإسلاَم

*ندعو إليه بعد أن نتحلى به عقيدة، وخلقاً، وسلوكاً، ولا ننسى أن نغذي أفئدتنا خلال ذلك، بأسباب الرغبة في ثواب الله والرهبة من عقابه، والمراقبة الدائمة له.

*ندعو إليه من منطلق الشفقة على عباد الله جميعاً، كي لا يقعوا غداً في آلام كاوية من الندامة التي لا تغنيهم شيئاً. فإن رب العالمين جل جلاله ما دعا عباده إلى دينه هذا، إلا رحمة بهم وحباً لإسعادهم، فأولى بك وانت جندي تدعو الناس بدعوته، الا تدفعك إلى ذلك إلا الرحمة والشفقة والغيرة عليهم.

*ندعو العقول عن طريق الحجة والبرهان، إلى اليقين بعقائد الإسلام، وندعو النفوس عن طريق منهاج التزكية النفسية إلى الالتزام بسلوك الإسلام، ولن ننجح في ذلك إلا بعد أن نبدأ فنزكي نحن نفوسنا من أوضارها وأمراضها جهد استطاعتنا.

* نركل من طريق ما بيننا وبين الآخرين كل عصبياتنا وأنانياتنا ورغباتنا في الانتصار للذات، حتى تتاح الفرصة لهم أيضاً أن يفعلوا مثل ذلك فينجوا عصبياتهم وأنانيتهم عن الطريق حتى تنفذ اليهم كلمة العلم والحق صافية سائغة.

* لا تخلط بأعمال الدعوة شوائب المعوقات، وزوائد الشهوات والأهواء، ولا نشغل بال الناشئة بها، فإنها لا توقعهم إلا في رهق لا جدوى منه، ولا تعود إليهم إلا ببلابل فكرية تورث الفتنة ولا تحقق الخير.

* سلاح الداعي إلى الله أولاً: العلم بكتاب الله وسنة رسوله وما أجمع عليه سلف هذه الأمة. ثانياً: العاطفة الإسلامية التي غذيت بالعلم وارتبطت بحدوده. فمن حمل لواء الدعوة إلى الله بدفع من عاطفته وحدها لا يسلم من الوقوع في غواية أو إغواء. ومن حمل لواءها بدافع من علمه المجرد، لا يعدو أن يكون مفتياً يضع أمام الناس قائمة أحكام الحلال والحرام. وتعليم الأحكام، يختلف عن الدعوة إلى الإسلام.

* شعار العبد الذي أخلص في الدعوة إلى الله، هو قوله عز وجل: (فذكر، إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر) فهو يؤدي بعمله وظيفة كلفه الله بها. أما هداية الناس واستجابتهم له فشيء مناطه الإرادة الربانية التي يتم على أساسها تدبير الأمور.

*سلاح القائم بدعوة الله، كثير ذكر ودعاء، وتضرع وبكاء، وكثير استغفار في الأسحار، وتلاوة للقرآن. وحراسة دائمة للقلب الا تسيطر عليه الأهواء.

وكل التدابير الأخرى، على أهميتها، إنما يأتي وراء ذلك.

*وأخيراً، مقياس القرب إلى النجاح، أمام الداعي إلى الله، هو قول الله عز وجل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فبقدر ما تشيع الاستقامة ويتوفر الصدق والأخلاق في حياة الأفراد، تنهض دعامة جديدة بتوفيق الله في بناء المجتمع الإسلامي المنشود.

والله المستعان وعليه الاتكال.

بقَلَم الدكتور محّمد سَعيد رَمضان البوطي

<<  <