للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به والتفاخر بسببه وَالتَّفْضِيلِ لِأَجْلِهِ كَكَثْرَةِ الْمَالِ فَصَاحِبُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ مُعَظَّمٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ لاعْتِقَادِهَا تَوَصُّلَهُ بِهِ إِلَى حَاجَاتِهِ وَتَمَكُّنَ أعْرَاضِهِ بِسَبَبِهِ وَإلَّا فَلَيْسَ فَضِيلَةً فِي نَفْسِهِ، فَمَتَى كَانَ الْمَالُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَصَاحِبُهُ مُنْفِقًا لَهُ فِي مُهَمَّاتِهِ وَمُهِمَّاتِ مَنِ اعْتَرَاهُ وَأَمَّلَهُ وَتَصْرِيفِهِ فِي مَوَاضِعِهِ مُشْتَرِيًا بِهِ الْمَعَالِيَ وَالثَّنَاءَ الْحَسَنَ وَالْمَنْزِلَةَ مِنَ الْقُلُوبِ كَانَ فَضِيلَةً فِي صَاحِبِهِ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِذَا صَرَفَهُ فِي وُجُوهِ البِرِّ وَأَنْفَقَهُ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ اللَّهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ كَانَ فَضِيلَةً عِنْدَ الْكُلِّ بِكُلِّ حَالٍ، وَمَتَى كَانَ صَاحِبُهُ مُمْسِكًا لَهُ غَيْرَ مُوَجِّهِهِ وُجُوهَهُ حَرِيصًا عَلَى جَمْعِهِ عَادَ كُثْرُهُ كَالْعَدَمِ وَكَانَ مَنْقَصَةً فِي صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقَفْ بِهِ عَلَى جُدَدِ السَّلَامَةِ بل أوقعه في هوة رذيلة البخل ومذمة النذالة، فإذا التَّمَدُّحُ بِالْمَالِ وَفَضِيلَتِهِ عِنْدَ مفضله ليس لِنَفْسِهِ وَإنَّمَا هُوَ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ وَتَصْرِيفهِ فِي مُتَصَرَّفَاتِهِ، فَجَامِعُهِ إذَا لَمْ يَضَعْهُ مَوَاضِعَهُ ولا وجه وجوهه غير ملئ بِالْحَقِيقَةِ وَلَا غَنِيٍّ بِالْمَعْنَى وَلَا مُمْتَدَحٍ


(قوله توصله) بفتح أوله وثانيه وتشديد الضاد المهملة المضمومة (قوله من اعتراء يقال عراء هذا الأمر واعتراه أي عشيه (قوله عاد كثره) الكثر بضم الكاف: المال الكثير يقال ماله قل ولا كثر (قوله وكان منقصة) بفتح القاف وكسرها (قوله عَلَى جُدَدِ السَّلَامَةِ) الجدد بفتح الجيم وبدالين مهملتين أولهما مفتوحة: الأرض الصلبة، وفى البيان: الجدد المستوى من الأرض (قوله في هوة) الهوة بضم الهاء وتشديد الواو المفتوحة: الوهدة العميقة (قوله غير ملئ) بالهمزة في آخره،
في الصحاح يقال ملؤ الرجل صار مليا أي ثقة فهو غنى ملى بين الملاء والملاءة ممدودان (*)