للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى رَأْي بَعْضِهِمْ وَنَحْوِهِ وَضَرْبٌ هُوَ خَارِجٌ عَنْ قُدْرِتِهْم فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الإتْيَانِ بِمْثِلِهِ كَإحْيَاءِ الْمَوتَى وَقَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً وَإِخْرَاج نَاقَةٍ من صَخْرَةٍ وَكَلَامِ شَجَرَةٍ وَنَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْأَصَابعِ وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَحَدٌ إلَّا اللَّه فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى يَدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فِعْلِ اللَّه تَعَالَى وَتَحَدِّيِهِ من يُكَذِّبُهُ أنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ تَعْجِيزٌ لَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْجِزَاتِ التي ظَهَرَتْ عَلَى يَدِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلَائِلَ نُبُوَّتِهِ وَبَرَاهِينَ صِدْقِهِ من هَذَيْنِ النَّوْعَيْنَ مَعًا وَهُوَ أَكْثَرُ الرُّسُلِ مُعْجِزَةً وَأَبْهَرُهُمْ آيَةً وَأَظْهَرُهُمْ بُرْهَانًا كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَهِيَ فِي كَثْرَتِهَا لَا يُحِيطُ بِهَا ضَبْطٌ فَإِنَّ وَاحِدًا مِنْهَا وَهُوَ الْقُرْآنُِ لَا يُحْصَى عَدَدُ مُعْجِزَاتِهِ بِأَلْفٍ وَلَا أَلْفَيْنِ وَلَا أَكْثَرَ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَحَدَّى بِسُورَةٍ مِنْهُ فَعُجِزَ عَنْهَا، قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَأَقْصَرُ السُّوَرِ (إِنَّا أعطيناك الكوثر) فَكُلُّ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْهُ بعددها وَقَدْرِهَا مُعْجِزَةٌ ثُمَّ فِيهَا نَفْسِهَا مُعْجِزَاتٌ عَلَى مَا سَنُفَصّلُهُ فِيمَا انْطَوَى عَلَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ ثُمَّ مُعْجِزاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ مِنْهَا عُلِمَ قَطْعًا وَنُقِلَ إِلَيْنَا متواتر كَالْقُرْآنِ فَلَا مِرْيَةَ ولا خلاف بمجئ النَّبِيّ بِهِ وَظُهُورِهِ من قِبَلِهِ وَاسْتِدَلَالِهِ بِحُجَّتِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ هَذَا مُعَانِدٌ جَاحِدٌ فَهُوَ كَإِنْكَارِهِ وُجُودَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا جَاءَ اعْتِرَاضُ الْجَاحِدِين فِي الْحُجَّةِ بِهِ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ وَجَمِيع ما تَضَمَّنَهُ من مُعْجِزٍ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً وَوَجْهُ إِعْجَازِهِ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً وَنَظَرًا كَمَا سَنَشْرَحُهُ، قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا (*)