للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغنائم وَالفداء وَقَد كان قبل هَذَا فادَوْا فِي سرية عَبْد اللَّه بن جَحْش التي قُتِل فِيهَا ابن الْحَضْرَمِيّ بِالْحَكَم بن كَيْسَان وَصَاحِبِه فَمَا عَتَب الله عليهم وذلك قبل بَدْر بأزْيَد من عَام، فهذا كله يَدُلّ عَلَى أن فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي شَأْن الأسْرَى كَان عَلَى تأوِيل وَبَصِيرَة وَعَلَى مَا تَقَدّم قَبْل مِثْلُه فَلَم ينكره اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِم لَكِن اللَّه تَعَالَى أرَاد لِعِظَم أمْر بَدْر وَكَثْرَة أسْرَاهَا والله اعْلَم إظَهَار نِعْمَتِه وَتَأكِيد منَّتِه بِتَعْرِيفهِم مَا كَتَبَه فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ من حِلّ ذَلِك لَهُم لَا عَلَى وَجه عِتَاب وَإنْكَار وَتَذْنِيب، هَذَا مَعْنَي كلامه، وَأَمَّا قَوْله (عَبَسَ وَتَوَلَّى) الآيات فَلَيْس فِيه إثْبَات ذَنْب لَه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم بَل إعْلَام اللَّه أَنّ ذَلِك المُتَصَدّي لَه مِمَّن لَا يَتَزَكَّى وأن الصَّوَاب وَالأوْلَى كَان لَو كُشِف لَك حَال الرَّجُلَيْن الإقْبَال عَلَى الأعْمَى وَفِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لَمّا فَعَل وَتَصَدّيه لِذاك الكافر كان طَاعَة لله وتَبْلِيغًا عَنْه وَاسْتِئْلَافًا لَه كَمَا شَرَعَه اللَّه لَه لَا مَعْصِيَة وَمُخَالَفَة لَه وَمَا قِصَّة اللَّه عَلَيْه من ذَلِك إعْلَام بِحال الرَّجُلَيْن وتَوْهِين أمر الكافِر

عِنْدَه وَالإشَارَة إِلَى الإعْرَاض عَنْه بِقَوْلِه وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَقِيل أرَاد بِعَبَس وَتَوَلَّى الكافِر الَّذِي كَان مَع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قالَه أَبُو تُمَّام * وَأَمَّا قِصَّة آدَم عَلَيْه السَّلَام وَقَوْلُه تَعَالَى (فَأَكَلا منها) بعد قوله (وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) وقوله (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تلكما الشجرة)


(قوله فِي سرية عَبْد الله بن جحش) هذه السرية كانت في رجب من السنة الثانية وكان مع عبد الله ثمانية رهط من المهاجرين ولم يكن معه من الأنصاري أحد (قوله وذلك قبل بَدْر بأزْيَد من عام) قيل بل كلاهما في سنة واحدة، تلك في رجب وبدر في رمضان.
(*)