للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طَلَبَ مِنْهَا التَّوْحِيدَ لَا غَيْرَ وَبِحَدِيث الْقَائِل لَئِن قَدَر اللَّه علي وَفِي رِوَايَة فِيه لَعَلّي أضِلّ اللَّه ثُمّ قَال: فَغَفَر اللَّه لَه قَالُوا وَلَو بوحِث أكْثَر النَّاس عَن الصّفات وُكوشِفُوا عَنْهَا لَمّا وُجِد من يَعْلمها إلَّا الأقَلّ، وَقَد أجاب الآخر عَن هَذَا الْحَدِيث بِوُجُوه مِنْهَا أَنّ قَدَر بمعنى قدر وَلَا يَكُون شَكُّه فِي القُدْرَة عَلَى إحْيَائِه بَل فِي نَفْس البَعْث الَّذِي لَا يُعْلَم إلَّا بِشَرْع ولعله

لَم يَكُن وَرَد عِنْدَهُم بِه شَرْع يُقْطَع عَلَيْه فَيكُون الشَّكّ فِيه حِينَئِذ كُفْرًا فَأَمَّا مَا لَم يرد بِه شَرْع فَهُو من مُجَوّزَات العُقُول أَو يَكُون قَدَر بِمَعْنَي ضَيّق وَيَكُون مَا فعله بِنَفْسِه إزْراء عَلَيْهَا وَغَضبًا لِعِصْيانِها وَقِيل: إنَّمَا قَال مَا قاله وَهُو غَيْر عاقِل لِكَلامه وَلَا ضابط لِلفْظِه مِمَّا استولى عَلَيْه مِن الْجَزَع والْخَشْيَة الَّتِي أذْهَبَت لُبَّه فَلَم يُؤاخَذ بِه وَقِيل كَان هَذَا فِي زَمَن الفَتْرَة وَحَيْث يَنْفَع مُجَرّد التَّوْحِيد وَقِيل بَل هَذَا من مَجَاز كَلَام الْعَرَب الَّذِي صُورَتُه الشّكّ وَمَعْنَاه التَّحْقِيق وَهُو يُسَمَّى تَجَاهُل العارِف وله أمْثِلَة فِي كَلَامَهِم كَقَوْلِه تَعَالَى (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) وقوله (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضلال مبين) فَأَمَّا من أثْبَت الْوَصْف ونَفَى الصّفَة فَقَال أقُول عالِم


(قوله لَعَلّي أضِلّ اللَّه) قال صاحب الصحاح: أضل عنه أي: أخفى عليه وأغيب، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (أئذا ضللنا في الأرض) أي خفينا وغبنا، وقال ابن الأثير: لَعَلّي أضِلّ اللَّه: أفوته ويخفى عليه مكاني، وقيل: لعلى أغيب عن عذاب الله (*)