للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتركه مدة ووهب له دنانير وثيابا، وأظهر له المحبة، وتوصل إلى أن خلابه ثم قال له: إن علم نبأ التعير عزيز الدولة قتلنا، وما إشفاقي على نفسي وإنما إشفاقي عليك. فقال له الصبي: فأي شيء أعمل يا مولاي؟ قال: قد عرفت محبتي لك، وإن ساعدتني اصطنعتك وأعطيتك، وعشنا جميعا في خفض وأمن. قال له: فارسم ما شئت حتى أفعله؛ قال: تحلف لي حتى أقول لك؛ فاستحلفه وخدعه، ووافقه على قتل عزيز الدولة. فقال له الصبي كيف أقتله؟ قال: الليلة يشرب، وسأزيد في سقيه حتى أسكره؛ فإذا استدعاك على الرسم لغمزه ونام فقم كأنك تهريق ماء، فخذ سيفه واضربه حتى تفرغ منه. فقبل الصبي وصيته. وكان عزيز الدولة في الصيد؛ فلما عاد دخل الحمام وخرج منه فأكل ثم انتقل إلى مجلس الشراب؛ وحضر من جرت العادة بحضوره من ندمائه، ثم قام في آخر وقت وقد تبين فيه السكر، والصبي بين يديه يحمل سيفه حتى وافى إلى مرقده واستلقى على فراشه؛ وأمر الغلام أن يغمزه. فلما مضى هزيل من الليل وثقل عزيز الدولة في النوم وتحقق الصبي ذلك سل السيف وضربه به، وكان سيفا ماضيا، ففلق رأسه، وأتبع الضربة بأخرى فقتله. ودخل بدر وشاهده ميتا، فصاح، واستدعى غلمان الدولة وأمرهم بقتل الصبي، فقتلوه؛ وحوط الخزائن والقلعة.

وشاع قتل عزيز الدولة؛ وكان ذلك في ليلة السبت الرابع من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة. وكتب بدر إلى السيدة بقتله، فأجابته، وأظهرت الوجد على عزيز الدولة، وشكرت بدراً على ما كان منه في ضبط الأمر وحراسة الخزائن؛ ولقبته وفي الدولة، وقلدته موضع مولاه، ووهبت له جميع ما حازه.

<<  <  ج: ص:  >  >>