للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروم بالقسطنطينية في صفر من هذه السنة، فتلقاه الملك وأدخله عليه، وسأله عن السلطان طغرلبك؛ فذكر له الرسالة، وطلب منه مقاطعة صاحب مصر، وإطلاق أبي غالب، وإرسال رسول المعز إليه. فقال له: صاحب مصر مجاور لنا، وبيننا وبينه عهود وهدنة، وقد بقي منها سنتان، ولا يمكن فسخها؛ وأما رسل المعز والرسل إليه فهم قوم يسعون في الفساد. وتردد القول إلى أن أطلق أبا غالب وأجازه إلى المعز، وعاد أبو علي ورفيقه إلى بغداد في بقية السنة.

وفيها قصر مد النيل، ولم يكن في المخازن السلطانية شيء من الغلال، فاشتدت المسغبة بمصر. وكان لخلو المخازن السلطانية من الغلال سبب، وهو أن الوزير اليازوري لما تقلد وظيفة قضاء القضاة في وزارة أبي البركات الجرجرائي كان ينزل إلى الجامع بمصر في يومي السبت والثلاثاء من كل جمعة، فيجلس في الزيادة منه للحكم، على رسم من تقدمه من القضاة، وإذا أقبل العصر طلع إلى القاهرة. وكان في كل سوق من أسواق مصر على أرباب كل صنعة من الصنائع عريف يتولى أمورهم؛ وكانت عادة أخباز مصر في أزمنة المساغبة متى بردت لا يرجع منها إلى شيء لكثرة ما تغش به. وكان لعريف الخبازين دكان وكان يبيع الخبز، وبحذانها دكان لصعلوك يبيع الخبز أيضاً، وكان سعره يومئذ أربعة

<<  <  ج: ص:  >  >>