للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتنة التي خربت مصر ذكر ابتداء الفتنة التي آلت إلى خراب ديار مصر وفي هذه السنة ابتدأت الفتنة التي كانت سبباً لخراب الإقليم. وذلك أن المستنصر كان من عادته في كل سنة أن يركب على النجب ومعه النساء والحشم إلى جب عميرة، وهو موضع نزهة، ويغير هيئته، كأنه خارج يريد الحج على سبيل الهزر والمجانة، ومعه الخمر محمول في الروايا عوضاً عن الماء، ويدور به سقاته عليه وعلى من معه كأنه بطريق الحجاز أو كأنه ماء زمزم. وقد أنشد الشريف أبو الحسين علي بن الحسين بن حيدرة العقيلي المستنصر في ذلك صبيحة يوم عرفة:

قم فانحر الرّاح يوم النحر بالماء ... ولا تضحّ ضحىً إلا بصهباء

وادرك حجيج النّدامى قبل نفرهم ... إلى منىّ، فصفّهم مع كل هيفاء

وعج على مكة الروحاء مبتكرا ... فطف بها حول ركن العود والنّاء

فلما كان في جمادى الآخرة خرج على عادته؛ واتفق أن بعض الأتراك جرد سيفا في سكرة منه على بعض عبيد الشراء، فاجتمع عليه عدة من العبيد وقتلوه. فغضب لذلك جماعة الأتراك واجتمعوا بأسرهم ودخلوا على المستنصر، وقالوا، إن كان هذا الذي قتل منا على رضاك فالسمع والطاعة، وإن كان قتله عن غير رضا أمير المؤمنين فلا صبر لنا على ذلك وأنكر المستنصر أن قتله برضاه أو أمره؛ فخرج الأتراك واشتدوا على العبيد يريدون

<<  <  ج: ص:  >  >>