للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاهرة ونزل بالجيزة. فامتدت الأيدي عند خروجه إلى دوره ودور حواشيه وأصحابه، وانتهبتها وأفسدتها.

فلما كان في الليلة التي خرج قبلها دخل في خفاء واجتمع بالقائد تاج الملوك شادي وترامي عليه وقبل رجله، وقال له: اصطنعني وانصرني على الوزير الخطير وعلى إلدكز، بأن تركب أنت وأصحابك وتسير بين القصرين، فإذا أمكنتك الفرصة فاقتلهما؛ فوافقه على ذلك وأجابه إليه ورجع ناصر الدولة إلى مخيمه بالجيزة. فلما طلع النهار شرع تاج الملوك في عمل ما تقرر بينه وبين ناصر الدولة، فأحس إلدكز بالمكيدة فسارع إلى اللحوق بالقصر، واستجار بالمستنصر. وأقبل الوزير في موكبه وليس له شعور بما بيت في الليل، فصادفه تاج الملوك على غرة منه، فأوقع به وقتله؛ وسير في الحال إلى ناصر الدولة، فحضر. وحسن إلدكز للمستنصر أن يركب لمحاربة ناصر الدولة، فلبس سلاحه وألبس من معه وركب، ونزل، فصار معه من الجند والعامة ما لا يحصى عددهم كثرة. ووقف ناصر الدولة بمن معه؛ ونشبت الحرب بينهما، فكانت الكسرة على ناصر الدولة، فانهزم وقد قتل كثير من أصحابه؛ فمر على وجهه لا يلوى على شيء في يسير من أصحابه، حتى انتهى إلى بني سنبس بالبحيرة فنزل عليهم، وأقام فيهم واستجارهم، وتزوج منهم.

واشتد الغلاء بمصر، وقلت الأقوات في الأعمال، وعظم الفساد والضرر، وكثر الجوع حتى أكل الناس الجيف والميتات، ووقفوا في الطرقات يخطفون من يمر من الناس فيسلبونه ما عليه، مع ما نزل بالناس من الحروب والفتن التي هلك فيها من الخلق ما لا يحصيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>