للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفه بما صار إليه من سوء الحال؛ فرق له وكف عنه، وأطلق له في كل شهر مائة دينار. واستبد بسائر أمور الدولة، وبالغ في إهانة المستنصر في الاعتقاد، وزاد في إيصال الضرر إليه وإلى سائر حواشيه وأسبابه، حتى قبض على أم المستنصر وعاقبها بعقوبات متعددة، واستخلص منها أموالاً جمة. فتفرق عن المستنصر جميع أهله، وسائر أقاربه وأولاده وحواشيه، فمنهم من سار إلى المغرب ومنهم من خرج إلى العراق؛ وبقي فقيراً وحيداً خائفاً يترقب. وقيل إن أم المستنصر فرت أيضاً إلى العراق.

وفي شهر ربيع الأول استقر ابن أبي كدينة في الوزارة والدعوة والقضاء. واستمر الحال على ما وصفنا جميع سنة أربع وستين.

وفيها فقد الطعام، فسارت التجار من صقلية والمهدية في الطعام والمرتب. فبيع القمح كل كيل قروي زنته تسعة أرطال بدينار نزاري، ثم بيع بمثقالين، ثم بثلاثة، ثم فقد. وطبخ الناس جلود البقر وباعوها رطلاً بدرهمين، وبلغ الزيت أوقيةً بدرهمين، وأوقية اللحم بدرهم، وبيعت الأمتعة بأبخس ثمن، وباع الناس أملاكهم. ووقع الوباء فألقى الناس موتاهم في النيل بغير أكفان.

وفيها مات القاضي الأجل أمين الدولة أبو طالب عبد الله بن عمار بن الحسين بن قندس بن عبد الله بن إدريس بن أبي يوسف الطائي بطرابلس الشام، ليلة السبت نصف

<<  <  ج: ص:  >  >>