للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوده أوجد الأيّام ما اقترحت ... وجوده أعدم الشاكين للعدم

قد ملّكته العوالي رقّ مملكةٍ ... تعير أنف الثّريا عزّة الشّمم

أرى مقاماً عظيم الشأن أوهمني ... في يقظتي أنها من جملة الحلم

يومٌ من العمر لم يخطر على أملى ... ولا ترقّت إليه رغبة الهمم

ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح فما أرضى لكم كلمى

ترى الوزارة فيه وهي باذلةٌ ... عند الخلافة نصحاً غير متّهم

عواطف علّمتنا أنّ بينهما ... قرابةً من جميل الرّأي لا الرّحم

خليفةٌ ووزير مدّ عدلهما ... ظلاًّ على مفرق الإسلام والأُمم

زيادة النّيل نقصٌ عند فيضهما ... فما عسى يتعاطى منّة الدّيم

فكان الصالح يستعيد أبياتها في حال الإنشاد مراراً، والأمراء والأستاذون يذهبون في الاستحسان كل مذهب. ثم أفيضت عليه خلع الخليفة المذهبة، ومنح له الصالح خمسمائة دينار، وأخرجت إليه السيدة الشريفة بنت الحافظ مع الأستاذين خمسمائة دينار أخرى؛ وحمل المال معه إلى منزله، وأطلقت له من دار الضيافة رسوم جليلة؛ وتهادته أمراء الدولة إلى منازلهم للولائم.

واستحضره الصالح للمجالسة، ونظمه في سلك أهل المؤانسة، وانثالت عليه صلاته، وعمره ببره. وصار يحضر في الليل عنده مع الشيخ الجليل أبي المعالي ابن الحباب، والشيخ الموفق ابن الخلال، وأبى الفتح محمود بن قادوس، والمهذب أبي محمد الحسن بن

<<  <  ج: ص:  >  >>