للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد

إذا كَانَ كُلّ علم يستمد شرفه من مدى نفعه -كَمَا قررناه آنفاً-،فإن العلم بمعرفة الاختلافات الَّتِيْ تقع في المتون والأسانيد لَهُ أهمية كبيرة؛ لأن علم الْحَدِيْث من أشرف العلوم الشرعية، ومعرفة الاختلافات لها أثر كبير في تمييز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من السقيم.

ثُمَّ إن الَّذِيْ يزيد هَذَا الفن أهمية أنه من أشد العلوم غموضاً، فلا يدركه إلا من رزق سعة الرِّوَايَة، وَكَانَ مع ذَلِكَ حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر واسع المران كَمَا تقدم. ومعرفة الاختلافات والترجيح بينها من الأمور الَّتِيْ لا تنال إلا بممارسة كبيرة في الإعلال والتضعيف ومعرفة السند الصَّحِيْح من الضعيف، فَمَنْ أَكْثَرَ الاشتغال بعلم الْحَدِيْث وحفظ جملة مستكثرة من المتون وعرف خفايا المتون والأسانيد ومشكلاتها استطاع أن يميز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من الْحَدِيْث المختلف فِيْهِ، لذا قَالَ الربيع بن خُثَيْم (١) : ((إن للحديث ضوءاً كضوء النهار تعرفه وظلمة كظلمة الليل تنكره)) (٢) .


(١) هُوَ الربيع بن خُثَيم بن عائذ النوري أبو يزيد البصري: مخضرم ثقة عابد توفي سنة (٦١ هـ‍) أَوْ (٦٣ هـ‍) .
طبقات ابن سعد ٦/١٨٢، وسير أعلام النبلاء ٤/٢٥٨، والتقريب (١٨٨٨) .
(٢) الموضوعات ١/١٠٣.

<<  <   >  >>