للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وابتعد أخي المسلم من الجدال والمراء مع أخيك المسلم؛ فإنَّ كثرة المراء والجدال مدعاة للخصومة، ومجلبة للبغضاء والضغينة، والجدال يقسي القلب وهو سبب للقطيعة. والمسلم إذا كان كثير المجادلة كان مذموماً عند الناس؛ لذا قال بعض السلف: ((إذا رأيت الرجل لجوجاً ممارياً معجباً برأيه فقد تمت خسارته)) .

وإياك والفجور في المخاصمة فقد جعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الفجور في المخاصمة من علامات النفاق فقال: ((أربع من كن فيه كان منافقاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) (١) .

والمجادلة تكون عن قصد إقحام الغير وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه ونسبته إلى القصور والجهل، وكثيراً ما يكون السبب في المجادلة هو إظهار العلم والفضل والتهجم على الغير بإظهار نقصه. وكلا السببين من الأمور المهلكة؛ إذ إن المسلم له حرمة، ومن حرمته أنْ لا تنتقصه لذا حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد التحذير من احتقار المسلم فقال: ((بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) (٢) فإذا كان ذلك كذلك فتنقيص المسلم أشد من احتقاره، نسأل الله العافية.

وقد رغّبَ الإسلام أشد الترغيب في ترك المراء والجدال فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك الكذب وهو باطل بُنيَ له بيت في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بُنيَ له في وسطها، ومن حسّن خُلُقه بُنيَ له في أعلاها)) (٣) .

الخصام:


(١) أخرجه: البخاري ١/١٥ (٣٤) ، ومسلم ١/٥٦ (٥٨) (١٠٦) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه: ابن ماجه (٥١) ، والترمذي (١٩٩٣) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وقال الترمذي:
((حسن)) .

<<  <   >  >>