للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(١٤٨) - يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ، وَلاَ يَرْضَى لَهُمْ، أنْ يَجْهَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ بِذِكِر العُيُوبِ، وَالسَّيِّئَاتِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ المَفَاسِدِ (وَأَقَلَّهَا أَنَّهُ يَضْعُفُ فِي النَّفْسِ اسْتِقَبَاحُهُ وَاسْتِبْشَاعُهُ خُصُوصاً إذَا تَكَرَّرَ سَمَاعُهُ) ، كَمَا أنَّهُ لاَ يُحِبُّ الإِسْرَارَ بِالسُّوءِ، إذْ أنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنِ النَّجْوى بِالإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَمَعْصِيَّةِ الرَّسُولِ. وَلَكِنَّ مَنْ ظَلَمَهُ ظَالِمٌ فَلَهُ أنْ يَجْهَرَ بِالشَّكْوَى مِمَنْ ظَلَمَهُ، وَأَنْ يَشْرَحَ ظُلاَمَتَهُ لِحَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، مَنْ تُرْجَى نَجْدَتُهُمْ، وَمُسَاعَدَتُهُمْ عَلَى إِزَالَةِ هَذا الظُّلْمِ، وَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلاَ إِثْمَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحْبُ لِعِبَادِهِ أَنْ يَسْكُتُوا عَلَى الظُّلْمِ، وَلا أنْ يَخْضَعُوا لِلضَّيْمِ، وَالسُّكُوتِ عَلَى الضَّيْمِ وَالظُّلْمِ أعْظَمُ مِنَ الجَهْرِ بِالسُّوءِ، لِذَلِكَ جَازَتِ الشَّكْوَى مِنَ الظُّلْمِ.

وَاللهُ سَمِيعٌ لِمَنْ دَعَاهُ، فَلاَ يَفُوتُهُ قَوْلٌ مِنْ أقْوَالِ مَنْ يَجْهَرُ بِالسُّوءِ، وَهُوَ عَلِيمٌ بِالبَوَاعِثِ التِي أَدَّتْ إليهِ.

<<  <   >  >>