للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَسْأَلُونَكَ} {الطيبات}

(٤) - سَأَلَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَزَيْدُ بْنُ مُهَلْهِلٍ الطَّائِييَّنِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالاَ: قَدْ حَرَّمَ اللهُ المَيْتَةَ، فَمَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ فَأَنْزَلَ اللهَ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ.

وَهَذِهِ الآيَةُ تَعْنِي: أنَّ اللهَ أَحَلَّ الذَبَائِحَ الحَلاَلَ الطَّيِّبَةَ لَهُمْ، التِي ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهَا، وَأَحَلَّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ، وَأَحَلَّ لَهُمْ مَا اصْطَادُوهُ بِِالجَوَارِحِ كَالكِلاَبِ وَالصُّقُورِ وَالفُهُودِ.

(وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الحَيَوانَاتُ بِالجَوَارِحِ، اشْتِقَاقاً مِنَ الجَرْحِ وَهُوَ الكَسْبُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلانٌ لاَ جَارِحَ لَهُ، أَيْ لاَ كَاسِبَ لَهُ) .

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار} أَيْ مَا كَسَبْتُمْ.

وَهَذِهِ الجَوَارِحُ تَقْتَنِصُ الفَرَائِسَ بِمَخَالِبِهَا وَأَظْفَارِهَا، وَتَكُونُ قَدْ عُلِّمَتْ عَلَى الصَّيْدِ، فَإِذَا أَرْسَلَهَا أَصْحَابُها اسْتَرْسَلَتْ، وَإِذَا أَشْلَوْهَا اسْتَشْلَتْ، وَإِذَا أخَذَتِ الصَّيْدَ أَمْسَكَتْهُ عَلَى أَصْحَابٍهَا حَتَّى يَجِيئُوا إِلَيْهَا، وَلاَ تُمْسكُهُ لِنَفْسِهَا، فَمَتَى كَانَ الجَارِحَ مُعَلِّماً، وَأَمْسَكَ الصَّيْدَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَانَ صَاحِبِهِ قَدْ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ قَبْلَ إِطْلاَقِهِ، حَلَّ الصَّيْدُ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِالإِجْمَاعِ.

وَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِتَقْوَاهُ، وَبِأنْ لاَ يُقْدِمُوا عَلَى مُخَالَفَةِ أوَامِرِهِ، بِالأَكْلِ مِنَ المُحَرَّمَاتِ التي سَبَقَ ذِكْرُهَا، وَيُعْلِمُهُمْ أنَّهُ سَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنيا جَميعِها، وَأنَّهُ تَعَالَى سَرِيعُ الحِسَابِ، يُحَاسِبُ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.

الجَوَارِحَ - الحَيوانَاتُ التِي يُصَادُ بِهَا كَالكِلاَبِ وَالصُّقُورِ.

التَّكْلِيبُ - تَعْلِيمُ الجَوَارِحِ عَلَى الصَّيْدِ وَتَضْرِيَتُهَا.

الطَّيِّبُ - هُوَ مَا تَسْتَطِيبُهُ النُّفُوسُ السَّلِيمَةُ.

<<  <   >  >>