للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{السماوات} {القيامة}

(١٢) - قُلَ يَا أَيُّها الرَّسُولُ لِقَوْمِكَ المُكَذِبِينَ الجَاحِدِينَ لِرِسَالَتِكَ، المُعْرِضِينَ عَنْ دَعْوَتِكَ: لِمَنْ هَذِهِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضُ، وَمَنْ خَلَقَها؟ وَبِمَا أنَّ مُشْرِكِي العَرَبِ كَانُوا يُقِرُّونَ بِأنَّ اللهَ هُوَ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَأنَّه مَالِكُهَا المُتَفَرِّدُ، وَأَنَّ الخَلْقَ كُلَّهُمْ عَبيدُهُ، فَسَيَقُولُونَ: إنَّهُ اللهُ، وَهَذَا لاَ خِلاَفُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فِيهِ، فَقُلْ لَهُمْ: إنَّ اللهَ الذِي تُقِرُّونَ بِمُلْكِهِ لِلْكَوْنِ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ بِخَلْقِهِ، إذ أَفَاضَ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا، وَمِنْ مُقْتَضَى هَذِهِ الرَّحْمَةِ أنْ لا يُعَجِّلَ العُقُوبَةَ لِلْنَّاسِ، وَأَنْ يَقْبَلَ تَوْبَتَهُمْ، إذَا تَابُوا وَعَمِلُوا أَعْمَالاً صَالِحَةً، وَأَنَّهُ سَيَجْمَعُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ- وَهُوَ يَوْمٌ آتٍ قَرِيبٌ لاَ شَكَّ فِيهِ وَلاَ رَيْبَ - لِلْحِسَابِ وَالجَزَاءِ، لِيَنَالَ كُلَّ وَاحِدٍ الجَزَاءَ العَادِلَ عَنْ عَمَلِهِ، إنْ خَيْراً فَخَيْراً، وَإنْ شَرّاًُ فَشَرّاً.

وَمِنْ رَحْمَتِهِ تَعَالَى أنْ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ هَذَا، لِيَحْذَرُوا، وَليُحْسِنُوا العَمَلَ، فَلَوْلاَ خَوْفُ النَّاسِ مِنَ العِقَابِ وَالحِسَابِ لَسَادَ الفَسَادُ فِي الأَرْضِ، وَلانْتَشَرَ الظُّلْمُ.

ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أنَّ الذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيا بِالكُفْرِ، وَالتَّقْلِيدِ وَالتَّرَدُّدِ. . لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ، لأنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَ عُقُولَهُمْ فِيمَا خَلَقَهَا اللهُ لَهُ مْنَ التَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ وَالاتِّعَاظِ.

كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ - قَضَى وَأَوْجَبَ، تَفَضُّلاً مِنْهُ وَإِحْسَاناً، الرَّحْمَةَ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ.

خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ - أَهْلَكُوهَا وَغَبَنُوهَا بِالكُفْرِ.

<<  <   >  >>