للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ يُونُسَ

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَرْجُونَ شَفَاعَةَ أَصْنَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى إِنْكَارِهِمْ لِأَصْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ [٦ \ ٢٩] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ [٤٤ \ ٣٥] ، وَقَوْلِهِ: مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [٣٦ \ ٧٨] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ يَرْجُونَ شَفَاعَتَهَا فِي الدُّنْيَا لِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِمْ وَفِي الْآخِرَةِ عَلَى تَقْدِيرِ وَجُودِهَا لِأَنَّهُمْ شَاكُّونَ فِيهَا، نَصَّ عَلَى هَذَا ابْنُ كَثِيرٍ فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الْآيَةَ [٦ \ ٩٤] ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنِ الْكَافِرِ: وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى [٤١ \ ٥٠] ، وَقَوْلُهُ: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا [١٨ \ ٣٦] ، لِأَنَّ إِنَّ الشَّرْطِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى الشَّكِّ فِي حُصُولِ الشَّرْطِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً [١٨ \ ٣٦] ، فِي الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ.

نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ، عَلَى أَنَّ هَذَا دُعَاءُ مُوسَى وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ أَحَدًا ثُمَّ قَالَ: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ مُوسَى لَمَّا دَعَا أَمَّنَ هَارُونُ عَلَى دُعَائِهِ وَالْمُؤَمِّنُ أَحَدُ الدَّاعِينَ، وَهَذَا الْجَمْعُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي صَالِحٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَبِهَذِهِ الْآيَةِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ تَكْفِي الْمَأْمُومَ إِذَا أَمَّنَ لَهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ، لِأَنَّ تَأْمِينَهُ بِمَنْزِلَةِ قِرَاءَتِهِ.

<<  <   >  >>