للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجميع أسماء الشرع تحتاج إلى بيان نحو قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاة} (١) إذ قد عرف بدليل أنه أريد بها غير ما وضعت له فى اللغة، وذلك على ضربين أحدهما يراد به ما لم يوضع له البتة نحو الصلاة والزكاة، والثانى يراد به ما وضع له فى اللغة لكنه قد جعل اسماً فى الشرع لما يقع منه على وجه مخصوص، أو يبلغ حداً مخصوصاً فصار كأنه مستعمل فى غير ما وضع له وذلك نحو الصيام والوضوء وما شاكله" (٢) .

فاللكلمة إذن معنيان، معنى لغوى، ومعنى شرعى، أى دلالة لغوية ودلالة اصطلاحية، وقد يكون المعنى الاصطلاحى بعيداً عن المعنى اللغوى، بل قد تكون الكلمة لها أكثر من معنى فى اللغة وأكثر من معنى فى الاصطلاح ككلمة "السنة" مثلاً. فهى فضلاً عن معانيها اللغوية المتعددة، والتى سيأتى ذكرها، لها أكثر من معنى اصطلاحى عند المحدثين، والفقهاء، والأصوليين كما سيأتى.

فالذى لا يعرف هذه الفوارق الاصطلاحية لا شك واقع فى الخطأ، وسوف يضل ضلالاً مبيناً، وهذه الفوارق استغلها أعداء الإسلام والسنة المطهرة استغلالاً بشعاً ينبئ عن حقدهم الدفين على الإسلام وأهله، فنراهم فى هجومهم على السنة المطهرة يركزون على بعض معانيها اللغوية أو الاصطلاحية مهملين عن جهل تارةً، وعن علم تارة أخرى باقى معانيها الاصطلاحية بغية الوصول إلى هدفهم وغايتهم من التشكيك فى حجيتها وعدم العمل بها ومن ذلك تركيزهم على معنى السنة فى اصطلاح الفقهاء وهى ما ليس بواجب مما يمدح فاعلها ولا يذم تاركها (٣) . وهذا التعميم فى تعريف السنة محض الضلال (٤) ، إذ فيه صرف لهذه الكلمة عن معناها الاصطلاحى عند رجال الأصول وعلى أنها مصدر تشريعى مستقل ملازم للقرآن الكريم فى الاحتجاج،


(١) جزء من الآية ٤٣ من سورة البقرة.
(٢) الفروق فى اللغة ص ٥٦.
(٣) البحر المحيط للزركشى ١ /٢٨٤، وإرشاد الفحول للشوكانى ١ /١٥٥، وأصول الفقه للشيخ محمد الخضرى ص ٥٤، وأصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ص ١١١.
(٤) انظر تعميم محمود أبو ريه لذلك فى أضواء على السنة ص ٣٨.

<<  <   >  >>