للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- والعلة الرابعة الواردة فى نفس أحاديث النهى عن الكتابة "خوف صيران الأحاديث إلى غير أهلها" فلا يعرف أحكامها، ويحمل جميع ما فيها على ظاهره وربما زاد فيها ونقص، فيكون ذلك منسوباً إلى كاتبها فى الأصل، وهذا كله وما أشبهه قد نقل عند المتقدمين الاحتراس منه" (١) ولعل الأصل فى ذلك ما صح من أنه صلى الله عليه وسلم، "كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. مخافة أن يناله العدو (٢) ".

... وعلى هذا يحمل ما ورد عن الصديق رضي الله عنه فى إحراقه ما جمعه من أحاديث على فرض صحته (٣) ونحوه قول عَبِيْدة السلْمَانى: بعد محو كتبه عند موته: "أخشى أن يليها أحد بعدى، فيضعوها فى غير مواضعها".

ويقول أبو قلابة فى وصيته لأحد تلاميذه المقربين أيوب السختيانى: "ادفعوا كتبى إلى أيوب إن كان حياً، وإلا فأحرقوها (٤) .

... ويقول الأوزاعى: "كان هذا العلم شريفاً إذا كان من أفواه الرجال يتلاقونه ويتذاكرونه، فلما صار فى الكتب؛ ذهب نوره، وصار إلى غير أهله" (٥) .

... هذه هى علل النهى عن كتابة السنة تعلن عن نفسها بوضوح فى الأخبار والآثار التى استشهد بها أصحاب هذه الشبهة.


(١) تقييد العلم ص ٦١.
(٢) متفق عليه من حديث ابن عمر رضى الله عنه أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الجهاد والسير، باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو ٦/١٥٥ رقم ٢٩٩٠، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإمارة، باب النهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو إذ خيف وقوعه بين أيديهم ٧/١٧ رقم ١٨٦٩ واللفظ له.
(٣) انظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنى ص ٤٥٧.
(٤) تقييد العلم ص ٦٢.
(٥) أخرجه الدارمى فى سننه المقدمة، باب من لم ير كتابة الحديث ١/١٣٢ رقم ٤٦٧، وابن عبد البر فى جامع بيان العلم ١/٦٨.

<<  <   >  >>