للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وما نسبه الشيخ المشد من نسبة تضعيف الحديث إلى الإمام الشاطبى يبطله قول الإمام الشاطبى: قوله صلى الله عليه وسلم: "يوشك الرجل منكم متكئاً على أريكته" إلى آخره لا يتبادل ما نحن فيه (أى مسألة استقلال السنة بتشريع الأحكام) فإن الحديث إنما جاء فيمن يطرح السنة معتمداً علىرأيه فى فهم القرآن، وهذا لم ندعه فى مسألتنا هذه، بل هو رأى أولئك الخارجين عن الطريقة المثلى.وقوله صلى الله عليه وسلم:"ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله" (١) صحيح أ. هـ.

... أليس فى هذا حكم من الإمام الشاطبى باعتماده صحة الحديث، وأخذه بما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هو زائد من الأحكام التى ليست فى كتاب الله عز وجل وله حكم ما حرم رب العزة فى كتابه العزيز من الحجية، ووجوب العمل به، إلا أنه لا يسمى هذا الزائد استقلالاً، وإنما يسميه بياناً، وهو مما لم يستوعبه الشيخ المشَّد–رحمه الله–حتى ختم فتواه بقوله: "إن الإيجاب والتحريم لا يثبتان إلا بالدليل اليقينى القطعى الثبوت والدلالة، وهذا بالنسبة للسنة لا يتحقق إلا بالأحاديث المتواترة، وحيث أنها تكاد تكون غير معلومة لعدم اتفاق العلماء عليها فإن السنة لا تستقل بإثبات الإيجاب والتحريم–إلا أن تكون فعلية أو تنضاف إلى القرآن الكريم وعلى هذا فمن أنكر استقلال السنة بإثبات الإيجاب والتحريم، فهو منكر لشئ اختلف فيه الأئمة، ولا يعد مما علم بالضرورة، فلا يعد كافراً" (٢) .


(١) الموافقات ٤/٤٣٢، وانظر: الاعتصام ١/٦١.
(٢) نقلاً عن تراثنا الفكرى للشيخ محمد الغزالى ص ١٧٩. ومما هو جدير بالذكر أنه يلتمس لعلمائنا الأجلاء العذر فى عدم إدراك مراد الإمام الشاطبى، لأنه قد عبر عن مذهبه بعبارات موهمة للخلاف الحقيقى مع جمهور العلماء، وأقام الأدلة وطعن فى أدلة الجمهور، بدون موجب لذلك كله. أفاده الدكتور عبد الغنى عبد الخالق فى كتابه حجية السنة ص٥٣٧.

<<  <   >  >>