للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فإن هذه القرينة تجعل خبر الآحاد مفيداً للعلم النظرى عند سامعه، وذلك لجلالة قدر هؤلاء الرواة للحديث من الأئمة الأعلام، والفقهاء العظام، إذ فى كل واحد منهم من الصفات اللائقة الموجبة لقبول خبره ما لا يوجد فى غيره، مما تجعل الواحد منهم أمة وحده، يقوم مقام العدد الكثير والجم الغفير (١) .

... والذى أرجحه من ذلك كله هو ما ذهب إليه ابن حزم، وابن الصلاح، وابن حجر، وغيرهم - من أن ما رواه الشيخان أو أحدهما أو ما احتفت به قرائن أخرى - كما ذكر ابن حجر أو ما استوفى شروط الصحة الخمسة، المتفق عليها بين علماء الأمة، مقطوع بصحته، ويفيد العلم النظرى.

وإلى ذلك ذهب الشيخ أحمد محمد شاكر-رحمه الله تعالى –: حيث يقول بعد أن استعرض آراء العلماء فى ذلك: "والحق الذى ترجحه الأدلة الصحيحة، ما ذهب إليه ابن حزم، ومن قال بقوله من أن الحديث الصحيح، مقطوع بصحته، ويفيد العلم اليقينى النظرى، سواء كان فى أحد الصحيحين أم فى غيرهما، وهذا العلم اليقينى نظرى برهانى، لا يحصل إلا للعالم المتبحر فى الحديث، العارف بأحوال الرواة والعلل (٢) ، المميز بين صحيحه وسقيمه، وغثه وثمينة، وأصيله ودخيله، أما من ليس من أهل هذا الشأن، فإن هذه القرائن ولو كثرت، لا تفيدهم علماً، فمثلهم لا يعتد به فى هذا المقام، ولا تبنى عليه هنا الأحكام (٣) .


(١) مقاصد الحديث فى القديم والحديث٢/٥٤،٥٥،وانظر: نزهة النظر ص ٢٣، وعلم الحديث لابن تيمية ص١٥٥، وإرشاد الفحول١/٢١٢، ٢١٣، ودراسات أصولية فى السنة ص ١٧٧-١٨١، وانظر: قرائن الشيعة فى إفادة خبر الواحد للعلم فى كتاب أصول الحديث للدكتور عبد الهادى الفضلى ص٨٣-٨٧.
(٢) الباعث الحثيث ص ٣٠، وانظر: المكانة العلمية لعبد الرزاق فى الحديث النبوى لفضيلة الأستاذ الدكتور إسماعيل الدفتار ١/٣٣ -٤٢، مبحث: "إفادة خبر الواحد العلم".
(٣) مقاصد الحديث فى القديم والحديث ٢/٥٥.

<<  <   >  >>