للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وتابع هؤلاء السلف خلفهم من المستشرقين ودعاة اللادينية، فذموا الإسناد، وذموا المحدثين لاهتمامهم به، وطعنوا فى بداية استعمال الأسانيد فى الأحاديث النبوية، وزعموا أن الأسانيد مختلقة من قبل المحدثين، إلى غير ذلك من طعونهم التى نستعرضها ونجيب عليها فى المبحث التالى:

[المبحث الأول: شبه الطاعنين فى الإسناد والرد عليها]

... ذهب بعض أعداء الإسلام من المستشرقين إلى التشكيك فى بداية استعمال الأسانيد فى الأحاديث النبوية.

فذهب "شاخت" إلى أن الفتنة المذكورة فى قول محمد بن سيرين "لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة ... " (١) هى فتنة الخليفة الأموى الوليد بن يزيد سنة ١٢٦هـ.

يقول شاخت: "ويروى عن التابعى ابن سيرين أن الناس لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى كانت الفتنة، وسوف نرى فيما بعد أن الفتنة التى اندلعت بمقتل الخليفة الأموى الوليد بن يزيد سنة ١٢٦هـ، قبيل نهاية الحكم الأموى تتفق فى الزمن مع نهاية خير القرون التى سادت فى أثنائها السنة النبوية، وحيث أن ابن سيرين توفى سنة (١١٠هـ) فلنا أن نستنتج من ذلك أن هذه العبارة موضوعة عليه. وعلى أية حال ليس هنالك ما يدعوا إلى افتراض أن استعمال الإسناد بشكل منتظم قد حدث قبل بداية القرن الثانى للهجرة (٢) .

... ويذهب مستشرق آخر وهو "روبسون" إلى أن الفتنة المقصودة فى كلام ابن سيرين هى فتنة عبد الله بن الزبير سنة (٧٢هـ) عندما أعلن نفسه خليفة، بحجة أن تاريخ هذه الفتنة يتوافق مع مولد ابن سيرين، ووجود كلمة الفتنة فى موطأ الإمام مالك التى تشير إلى فتنة ابن الزبير" (٣) .


(١) سبق تخريجه ص ١٢٨.
(٢) أصول الفقه المحمدى ترجمة الأستاذ الصديق البشير نقلاً عن مجلة كلية الدعوة بليبيا العدد ١١ ص٦٨٩، ٦٩٩.
(٣) نقلاً عن دارسات فى الحديث النبوى للدكتور الأعظمى ٢/٣٩٥، وضوابط الرواية عند المحدثين للأستاذ الصديق بشير ص ٦٤.

<<  <   >  >>