للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما قول جولدتسيهر: "لاقونى بنياتكم ولا تلاقونى بأعمالكم" فهذا خلاف ما دل عليه الحديث، فإن الحديث لم ينف الأعمال، بل شرط لصحتها النية، إذ العمل مطلوب شرعاً كما قال سبحانه: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١) وقرنه بالإيمان فى أكثر من آية: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٢) . وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (٣) أ. هـ.

... أما ما زعمه بعض النكرات أن أئمة المسلمين وضعوا حديث "إنما الأعمال"، واستحلوا به التحايل فى دين الله بحجة افتتاح الإمام البخارى للحديث فى كتاب الحيل من صحيحه فهذا من تضليله وجهله.

أما تضليله فهو عدم ذكره اسم الباب الذى ذكر الإمام البخارى الحديث تحته وهو باب بعنوان "فى ترك الحيل وأن لكل إمرئ ما نوى فى الأيمان وغيرها".

وواضح من عنوان الباب إبطال زعم النكرة أن الحديث دليل على استحلال الحيل.

أما جهله فهو قلة عقله فى استيعاب فقه الإمام البخارى فى تراجمه فى أبوابه، وأنى له إدراك ذلك، وتلك "التراجم حيرت الأفكار، وأدهشت العقول والأبصار، ولقد أجاد القائل: أعى فحول العلماء حل رموز ما أبداه فى الأبواب من أسرار" (٤) .


(١) الآية ٧٢ من سورة الزخرف.
(٢) سورة العصر.
(٣) أخرجه مسلم "بشرح النووى" كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم ٨/٣٦٣ رقم ٢٥٦٤ من حديث أبى هريرة رضي الله عنه وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة ٢/٤٨، ٤٩.
(٤) انظر: هدى السارى ص ١٦، وتيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير لفضيلة الأستاذ الدكتور مروان شاهين ص ١٥٢.

<<  <   >  >>