للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- المنزلة بين المنزلتين: وهم يقصدون بها أن مرتكب الكبيرة يخرج من الإيمان، ولا يدخل فى الكفر؛ فهو ليس بمؤمن ولا كافر، لكنه فى منزلة بينهما فاسق، والفاسق يستحق النار والمعتزلة بقولهم بهذا الأصل وافقوا الخوارج؛ لأن الخوارج لما رأوا لأهل الذنوب الخلود فى النار سموهم كفرة، وحاربوهم، والمعتزلة رأت لهم الخلود فى النار، ولم تجسر على تسميتهم كفرة ولا جسرت على قتال أهل فرقة منهم، فضلاً عن قتال جمهور مخالفيهم، ولهذا قيل للمعتزلة: إنهم مخانيث الخوارج (١) .

ويعد هذا الأصل الرابع هو نقطة البدء فى تاريخ المعتزلة كما سبق فى نشأتهم.

وكان لهذا الأصل أثره السئ فى موقف المعتزلة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.، وخصوصاً أصحاب الجمل، وصفين من الفريقين؛ على، ومعاوية - رضى الله عن الجميع - كما سيأتى.

٥- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: هذا الأصل توافق فيه أهل السنة والمعتزلة، واتفقوا على أنه من الواجبات على الكفاية، وهو ما قرره المولى عزَّ وجلَّ فى كتابه العزيز {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢) . إلا أنه وقع خلاف بين أهل السنة والمعتزلة فيما يلى:

أ- حملهم الناس على المعروف والمنكر فى مذهبهم وإلزامهم به، ويبدوا هذا واضحاً فى محنة خلق القرآن.

ب- طريقة تغيير المنكر؛ ساروا فيها عكس الحديث الوارد عن النبى صلى الله عليه وسلم.، فى بيان موقف المسلم من المنكر إذا رآه وهو قوله صلى الله عليه وسلم.: "من رأى منكم منكراً؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (٣) بينما تغيير المنكر عندهم يبدأ بالحسنى، ثم باللسان، ثم باليد، ثم بالسيف على عكس ما يرشد إليه الحديث، ويذهب إليه أهل الحق.

ج- حمل السلاح فى وجوه المخالفين لهم سواء كانوا من الكفار أو من أصحاب المعاصى من أهل القبلة.


(١) الفرق بين الفرق للبغدادى ص١١٦، وانظر: الملل والنحل ١ /٤٢، وشرح الأصول ص١٣٧، ٦٩٧، وفضل الاعتزال ١٧، ٦٤.
(٢) الآية ١٠٤ من سورة آل عمران، وانظر: شرح الأصول ص ١٤١، ٧٤٤.
(٣) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان كون النهى عن المنكر من الإيمان ... إلخ ١ /٢٩٦، ٢٩٧ رقم ٤٩ من حديث أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه.

<<  <   >  >>