للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: لا حجة للخصوم فى التعلق بظاهر الآيات التى استشهدوا بها على عدم عصمته صلى الله عليه وسلم لِمَ صح من سيرته صلى الله عليه وسلم - أنه كان أتقى وأخشى خلق الله عز وجل، وما كذب بآيات ربه تعالى، ولا شك فيما أنزل عليه، ولا أشرك بالله طرفة عين أو أقل منها، ولا أطاع أحداً من الكافرين، أو المنافقين، أو الكاذبين. ومن زعم خلاف ذلك فليبينه لنا، فالأصل براءة الذمة حتى يثبت العكس، وهذه قاعدة أصولية، تحدد الأصل فى كل شئ، وهى تعنى أن كل منهم برئ حتى تثبت إدانته... فالمتهم بالشرك أو الشك، أو بأى ذنب آخر هو برئ منه، حتى تثبت إدانته بما اتهم به بالدليل الشرعى!.

... فهل من دليل شرعى على ما افتروه على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم عصمته؟! ولكن أنى لأعداء الإسلام، وخصوم السنة المطهرة بدليل شرعى بعد شهادة القرآن الكريم له بالخشية والخوف من الله تعالى فى غير ما آية. منها:

قوله تعالى: {قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم} (١) .

وقوله سبحانه: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم} (٢) .

وهذا وإن كان أمراً من الله عز وجل أن يقول ذلك، فهو أيضاً تقرير لحقيقة حاله صلى الله عليه وسلم، ووصف له فى المعنى بتلك الصفة الإيمانية العليا.

وفى الآية أيضاً شهادة له صلى الله عليه وسلم بأنه ما أطاع أهل الكفر فى أهوائهم؛ وقد كان أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام كلهم بمحل الخشية والخوف من الله تعالى، كما وصفهم بذلك بقوله: {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً} (٣) وخوفهم ليس خوف معصية وإساءة، وإنما هو خوف إعظام وتبجيل.


(١) الآية ١٥ الأنعام.
(٢) الآية ١٥ يونس.
(٣) الآية ٣٩ الأحزاب.

<<  <   >  >>