للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ويذهب بعضهم إلى أنه نوع من الهوس (١) قائلاً: "ونرى محمداً الثاقب النظر من الناحية العلمية من ذوى الهوس، كما هو شأن أكثر مؤسسى الديانات" (٢) وبالتأمل فى هذه الافتراءات ترى أنها مع طعنها فى الوحي المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، تطعن فى عصمته فى عقله وبدنه.

... ويجاب عن هذه الافتراءات من عدة وجوه:

أولها: أن المستشرقين هنا فيما يزعمون كالببغاوات يرددون شبهة إخوانهم أعداء الأنبياء والرسل الذين جعلوا ما يحصل لأنبياء الله مثل الذى يحصل للمجانين والسحرة، كما قال تعالى: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون} (٣) وهى عين الفرية التى رمت بها قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبرأه الله مما قالوا، بقوله سبحانه: {فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون} (٤) أرأيت كيف يردد المستشرقون شبهة عفا عنها الدهر، وطوتها السنون، وبين الله فسادها قبل خمسة عشر قرناً من الزمن، ثم جاءوا يلو كونها ويدندنون بها تشويهاً للإسلام، وتشكيكاً فى عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقله وبدنه.

ثانيها: إجماع الأمة على عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء قبله من سائر الأمراض المنفرة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكافة الرسل قبله، قد اشتهروا بالتعقل والنباهة والفطنة قبل النبوة وبعدها.


(١) الهوس: بالتحريك، طرف من الجنون، ويرادفه المس. ينظر: مختار الصحاح ص٧٠١، والقاموس المحيط ٢/٢٥٨.
(٢) حضارة العرب لجوستاف لبون ص١٢٦، ١٢٧، وينظر: الوحي القرآنى فى المنظور الاستشراقى ونقده للدكتور محمود ماضى ص١٠٩، ١٢٣.
(٣) الآيتان ٥٢، ٥٣ الذاريات.
(٤) الآية ٢٩ الطور.

<<  <   >  >>