للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: الناظر فى شبهتهم تلك يلاحظ أنها تقوم على أنقاض الشبهتين السابقتين، إذ لما لم يكن لقولهم بهما قدم يثبت عليها، أو لك أن تقول: ساقان تحملانه عندما اصطدم مع الحق الذى لا يسمع منصفاً مخالفته، حسبما مر بك عند نقض هاتين الشبهتين، وهنا لم يجدوا بداً من أن يقولوا هذا القول الوارد فى هذه الشبهة (أعنى فى هذا المطلب) ويلاحظ أيضاً، أن زعمهم هذا لا يعدو كونه عين ما ردده جهال قريش من قبل حين قالوا كما أخبر القرآن: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر} (١) . وبذلك يتضح لك أن الكفر ملة واحدة، مهما تباعدت أزمانه واختلفت أوطانه.

... إن ما زعمه هؤلاء الملحدون هنا، هو باطل من القول سودوا به صفحات التاريخ إذ الحق الذى لا مناص عنه، ثبوت العصمة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى دعواه النبوة، وفى كل ما يخبر به من الوحي عن ربه عز وجل، على ما مر سابقاً فى دلائل عصمته فى تبليغ الوحي من خلال القرآن والسنة (٢) كما أنه لم يكن لأحد عليه فضل فيما جاء به، غير الله تعالى؛ فأنى لأحد من البشر كائناً من كان أن يكون له قبل بما جاء به صلى الله عليه وسلم فينصبونه معلماً له؟.

ثانياً: أين هذه الرحلات التى يتكلم عنها جولدستيهر، وبروكلمان، ومن شايعهما، والتى التقى فيها النبى صلى الله عليه وسلم بأحبار اليهود، ورهبان النصارى، وأخذ عنهم؟ ومتى كانت؟ وأين تم هذا اللقاء؟ وكم مدة قضاها ليتلقى تلك الدروس حتى يهضمها ويستوعبها؟ ومن هم الذين أخذ عنهم؟ وماذا أخذ؟.

... أسئلة يعجز المستشرقون عن إجابتها، لأنها لا إجابة لها البتة، إذ الإجابة عنها من صنع الخيال، وترهات الأفكار.


(١) الآية ١٠٣ النحل.
(٢) يراجع: ص٢٦٤ – ٢٧٧.

<<  <   >  >>