للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فلو أن ما روى كان واقعاً لشغب عليه المعادون له، ولارتد الضعفاء من المؤمنين، ولثارت ثائرة مكة، ولاتخذ منه اليهود بعد الهجرة متكئاً يستندون إليه فى الطعن على النبى صلى الله عليه وسلم، والتشكيك فى عصمته، ولكن شيئاً من ذلك لم يكن.

٣- إن بعض الروايات الواردة فى القصة ذكرت أن فيها نزل قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً} (١) .

... وهاتان الآيتان، حتى لو لم تكونا سبب النزول، فهما تردان القصة؛ لأن الله ذكر أنهم كادوا يفتنونه، ولولا أن ثبته لكاد أن يركن إليهم، ومفاداه أن الفتنة لم تقع، وأن الله عصمه وثبته حتى لم يكن يركن إليهم، فقد انتفى قرب الركون فضلاً عن الركون. فالأسلوب القرآنى جاء على أبلغ ما يكون فى تنزيه ساحته صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهم يرون فى أخبارهم الواهية، أنه زاد على الركون، بل افترى بمدح آلهتهم، وهذا ينافى ما تدل عليه الآية، وهو توهين للخبر لو صح، فكيف ولا صحة له؟ (٢) .

٤- وقال تعالى: {قل إنى أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين. قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم. قل الله أعبد مخلصاً له دينى. فاعبدوا ما شئتم من دونه} (٣) . وتأمل الأسلوب الإنكارى التوبيخى فى قوله {فاعبدوا ما شئتم} وهى أشد من مجرد مدح الأصنام.


(١) الآيتان ٧٣، ٧٤ الإسراء، وينظر: جامع البيان لابن جرير ١٧/١٣١.
(٢) الشفا ٢/١٢٧، ١٢٨ بتصرف، وينظر: السيرة النبوية فى ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة ١/٣٧١، ٣٧٢، وحياة محمد للدكتور محمد هيكل ص١٤٤.
(٣) الآيات ١١ – ١٥ الزمر.

<<  <   >  >>