للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضى عياض: "فقد بين لك أبو بكر البزار رحمه الله أنه لا يعرف من طريق يجوزه ذكره سوى هذا، وفيه من الضعف ما نبه عليه، مع وقوع الشك فيه الذى لا يوثق به ولا حقيقة معه" (١) .

قلت: وفى ذلك رد على قول الإمام السيوطى فى رواية ابن عباس الموصولة، بأن إسنادها جيد (٢) زد على ذلك ما نقله القاضى عن القاضى بكر بن العلاء المالكى فى بيانه لضعف القصة من حديث ضعف سندها واضطراب متنها بقوله: "لقد بلى الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، وتعلق بذلك الملحدون، مع ضعف نقلته واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته: فقائل يقول إنه فى الصلاة، وآخر يقول: قالها فى نادى قومه، حيث أنزلت عليه السورة؛ وآخر يقول: قالها وقد أصابته سنة، وآخر يقول: بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسانه، وأن النبى صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل، قال: ما هكذا أقرأتك؛ وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأها؛ فلما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم ذلك قال: والله ما هكذا نزلت؛ إلى غير ذلك من اختلاف الرواة" (٣) .

وقال الإمام الرازى: "أهل التحقيق قالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة، ونقل عن الحافظ ابن خزيمة، أنه سئل عن هذه القصة فقال: هذا وضع من الزنادقة، وصنف فيه كتاباً، كما حكى عن الإمام البيهقى قوله: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، ثم أخذ يتكلم فى أن رواة هذه القصة مطعون فيهم" (٤) .


(١) الشفا ٢/١٢٦.
(٢) مناهل الصفا ص٢٢١.
(٣) الشفا ١/١٢٥.
(٤) التفسير الكبير ١٢/٥١ وقال أبو حيان فى تفسيره البحر المحيط ٦/٣٨٢ معقباً على كلام البيهقى: ولذلك نزهت كتابى عن ذكره فيه أهـ المراد نقله. وقال الشوكانى فى فتح القدير ٣/٤٦١ "ولم يصح شئ من هذا، ولا ثبت بوجه من الوجوه". وينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/٤٣٨.

<<  <   >  >>