للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم فى سلوكه وهديه، وما ينقل عنه من حياته الخاصة دين، وللأمة فيه القدوة والأسوة الحسنة، وليس أدل على ذلك، ما سبق ذكره من اختلافهم فى جواز القبلة للصائم، وفى طلوع الصبح على الجنب وهو صائم، فسألوا أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، فأخبرتهم أن ذلك وقع من النبى صلى الله عليه وسلم، فرجعوا إلى ذلك، وعلموا أنه لا حرج على فاعله (١) .

وهذا النقل لما يخصه صلى الله عليه وسلم فى حياته الخاصة، حث عليه، وكان بإذنه بدليل ما روى أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنى لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" (٢) .

كما دل على أن هذا النقل من الدين قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً} (٣) فهذا نص قرآنى صريح يأمر بحسن صحبة الزوجة بكل ما تعنيه كلمة "المعروف" (٤) .

ومعلوم أن مراد الله فى كتابه، من مهامه صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} (٥) .

ومن هنا: كان نقل هذا البيان فى الحياة الخاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً، دين واجب ذكره، لتتعلم الأمة المراد بخطاب ربها: {وعاشروهن بالمعروف} ولذا ذكر العلماء من حكم كثرة أزواجه صلى الله عليه وسلم:

نقل الأحكام الشرعية التى لا يطلع عليها الرجال، لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفى مثله.


(١) سبق ذكر الأحاديث الدالة على ذلك ص٢٠.
(٢) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الحيض، باب نسخ "الماء من الماء" ٢/٢٧٦ رقم ٣٥٠ من حديث عائشة رضى الله عنها.
(٣) الآية ١٩ النساء.
(٤) سيأتى بعد قليل تفسير المراد بالمعاشرة بالمعروف.
(٥) الآية ٤٤ النحل.

<<  <   >  >>